فلسطين أون لاين

​حاز المركز الأول في حفظ القرآن بكرواتيا

موسى مدفع.. فوزه أثقل كاهله ليكون قدوة لغيره

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

فرحتان لا تخير واحدة عن الأخرى، فكلاهما تحرّك المشاعر، ليصبح الكون لا يسعه من الفرحة، ولا يمكن وصفهما، فالأولى عندما أتمَّ حفظ القرآن كاملًا، وأنه سيكون ممن يلبس والديه تاج الوقار، والثانية تمثلت في سعيه نحو المجد، وأن يكون قدوة لغيره من الشباب، ويرفع اسم فلسطين من خلال مشاركته في المسابقات الدولية.

حيث حصد الشاب الفلسطيني موسى نجاحًا باهرًا بحصوله على المرتبة الأولى في مسابقة القرآن الكريم الدولية التي عُقدت في كرواتيا، وشارك في المسابقة 75 متسابقًا من 42 دولة حول العالم.

موسى محمد مدفع من مدينة نابلس، لاجئ من مدينة يافا، ويسكن حاليًا في مخيم عسكر التابع للمساكن الشعبية، يدرس في جامعة النجاح الوطنية تخصص الشريعة الإسلامية في الفصل الأخير، حافظ لكتاب الله.

رحلة الحفظ

لم يكن كباقي الأطفال ينتظر انتهاء العام الدراسي حتى يلتحق بمخيمات حفظ القرآن، بل كان يرتاد مراكز التحفيظ طيلة أيام العام، وقد بدأ رحلته في حفظ كتاب الله بالصف الثالث الابتدائي، وأنهى مسيرته في الحفظ مع التثبيت والإجازة قبل دخوله لمرحلة الثانوية العامة بأسبوع.

وقال: "استغرقت تلك الرحلة ما يقارب ثماني سنوات، كنتُ أحفظ في مركز مصعب بن عمير التابع للجنة تحفيظ القرآن الكريم في لجنة زكاة نابلس المركزية، كنت أحفظ القرآن ثلاثة أيام في الأسبوع وفق برنامج حفظ صفحة من القرآن ومراجعة ست صفحات".

وبدأ مدفع بحفظ القرآن وهو صغير، فلم يكن يعرف قيمته وجزاء حفظه، إلا بعدما كبر في العمر قليلًا، أما في بداية الحفظ كان كباقي الأطفال يسير وفق قاعدة "احفظ وسمع" دون وعي وإدراك، متابعًا: "أما الحلم الحقيقي الذي تحقق فترة حفظي لكتاب الله هو حضوري في مسابقة الأقصى الدولية في رام الله، فعشتُ أجواء المنافسة، وكان لها دور كبير في رفع منسوب همتي حتى أتممت حفظ القرآن كاملًا".

فالبيئة التي يعيش فيها كان لها أثر طيب في نفسه، "بفضل الله كان لوالدي وجدي دور كبير في التحفيز وشراء الهدايا، وتقديمها لي إن حصلتُ على درجات عليا".

وأوضح مدفع أنه لم يتعلق بشيخ معين، ولكنه كثيرًا ما يستمع للشيخ وديع اليمني، وأبو بكر الشاطري وغيرهما، وخلال حفظه كان المشايخ الذين تتلمذ على أيديهم يسقوهم من منهل التجويد بعض المعلومات البدائية.

أما تعلمه للتجويد المتقن والمضبوط كان بعد حفظه القرآن وترشيحه للمسابقة الدولية الأولى التي أقيمت في تونس، وبدأ يقرأ على يد الشيخ منتصر الأسمر الذي يحمل شهادة سند متصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والشيخ سعيد القلقيلي وغيرهما.

مشاركاته

وشارك في عدة مسابقات منها محلية ودولية، فالدولية شارك في المسابقة الأولى بجائزة تونس الدولية في مرحلة الثانوية العامة وكان مدتها شهرًا، وانقضى منها 10 أيام قبل التحاقه، "ولكن بفضل الله قد بارك له في الدراسة والمراجعة".

والمسابقة الثانية عقدت في دبي بعد امتحانات الثانوية ببضعة أيام، وظهرت نتائج توجيهي في أثناء وجوده هناك، والثالثة كانت في الكويت عام 2016، وحصل على المركز العاشر، والأخيرة في كرواتيا وحصد المركز الأول.

أما المسابقات المحلية، فهي مسابقة النجاح التابعة لملتقى القرآن الكريم، وأخرى حصل على المركز الثاني فيها أقيمت في شهر رمضان، ومسابقة في مدينة القدس حصل على المركز الأول.

منذ صغره وهو يحلم بالمشاركة في المسابقات الدولية حتى يرفع اسم فلسطين في المحافل الدولية، وجاءت مشاركته هذا العام في المسابقة الدولية التي عقدت في كرواتيا من أجل إبراز الجانب المضيء للشاب الفلسطيني الملتزم بدينه والحافظ لكتاب الله.

دراسته للشريعة

واستكمل مدفع حديثه: "اختياري للعلوم الشرعية لحبي لهذا المجال، وتذكري حديث النبي عليه الصلاة والسلام: "من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين"، فلا يلتحق بعلم الشرعية ويتعمق في الدين إلا من يريد الله به الخير والصلاح، رغم حصولي على معدل 95% في الثانوية العامة".

وبين أن مدَّة الحفظ تختلف من شخص لآخر وفق القدرات، فبالنسبة له لم تكن تأخذ منه وقتًا طويلًا، فالصفحة الواحدة تحتاج من عشر دقائق إلى ربع ساعة للحفظ مع التثبيت، ولكن المقبل على حفظ القرآن يجب أن تكون لديه همة عالية.

لم يتحجج يومًا بإهماله الحفظ أو الدراسة على حساب الطرف الآخر، فاستطاع أن يوفق بينهما، "فقد كانت لديه نظرة مختلفة للقرآن، فهو يبارك له في وقته، فإذا وجد ضيقًا في وقته يتبرك بالقرآن، حتى أنه لم أترك المراجعة في التوجيهي، وقد كان أحد الصالحين يقول: "كلما ازداد وردي في القرآن ازدادت البركة في وقتي حتى وصل وردي إلى عشرة أجزاء"، وفق حديث مدفع.

فرحة لا يمكن وصفها بحصوله على المرتبة الأولى في المسابقة، ولكنه يراها أنها سيف ذو حدين، ففيها يكبر الحمل على كتفيه ويحصن نفسه، وتثقل الأمانة على عاتقه، فالناس تصبح بحاجة لترى الخير منه، داعيًا الله أن يوفقه ليكون أهلًا للمقام الذي وضع فيه.

ورشحته وزارة الأوقاف للمشاركة في المسابقة، وما دفعه للمشاركة أن الناس بحاجة كبيرة لقدوات، وأن يكون قدوة صالحة للشباب المبتعدة عن طريق الله، ولآخرين لديهم همة ولكنهم بحاجة إلى من يقودهم.

طموح

وأشار مدفع إلى أن القرآن الكريم كان له أثر عظيم على شخصيته بفضل الله، "فيكفي لك أن تكون في مقام القدوة، ومن حولك ينظرون لك معلمًا لهم، فهذا يكون زاجرًا لكل خاطر سوء يخطر له، ويتمنى أن يكون من المطبقين للقرآن، وأن يكون مصحفًا يمشي على الأرض، وليس فقط من الحفظة، بل من المتخلقين بأخلاق القرآن وأن يكون من أهله".

وبين أن حصوله على المرتبة الأولى جعله يشعر بحجم المسؤولية والأمانة وأن المجتمع بحاجة لمن يقوده للخير وتعليم القرآن، ويطمح لأن يكمل الدراسات العليا، وأن يكون له أثر في تعليم القرآن في فلسطين والخارج والتدريب والتجويد وتحبيب الناس فيه.