فلسطين أون لاين

​مزاجك مرتبط بغذائك

...
غزة/ هدى الدلو:

سوء المزاج وتقلبه كثيرًا ما يكون سببه طبيعة تغذية الشخص، لكن لعلَّ هذا مدعاة للاستغراب في العلاقة القائمة بين التقلب المزاجي والتغذية، فالصحة النفسية وما يندرج تحتها من أمراض متعددة كالضغط النفسي والتقلب المزاجي، وحالة الاكتئاب.

كل ذلك يدفعنا نحو طرح العديد من الأسئلة لمعرفة طبيعة العلاقة القائمة، أليس في حالات التوتر والانفعالات المختلفة من أحزان وأفراح نجد أنفسنا لا إراديًّا نتوجه إلى بعض أطعمة دون غيرها؟ وهل يكون مقدار تناولنا في هذه اللحظات الحرجة من الأطعمة المختلفة مساوٍ للمقدار ذاته في حالات الهدوء؟ هل ننعم بذات القدر من الشهية سواء للطعام أو الشراب في حالات التقلب المزاجي؟ وماذا يحدث لنا في حالات العُزلة والاكتئاب الشديد، هل نتذكر أصنافًا نحبّها ونطلبها؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي.

اختصاصية التغذية سماح وادي قالت: "هناك علاقة وطيدة ومباشرة بين الصحة النفسية والتغذية، وتكمن فيما يُسمى بـ"تغذية الدماغ"، فالدماغ هو أهم عضو في جسم الإنسان، فإن اشتكى تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ألم يخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بأن "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى"، والجهاز العصبي الودي والجهاز العصبي التعاطفي هما المتحكمون بصحة الدماغ صاحب المرجعية الأولى لسائر الأعضاء".

وأضافت إن الدماغ لديه نقطة تُسمى "جهاز المكافأة"، والتي تتحكم مباشرة في الطعام والشراب، فنسعد حين تطلب الوجبة المُفضلة للشخص، ونغضب حين يقدم له صنف لا نرغبه، بل أيضا يتحكم في مدى شهيتها، وعليه قدر تناولها للأصناف.

وأشارت وادي إلى أنه من هنا يأتي التفسير أن الانفعالات المختلفة قد تزيد وتحفز عند تناول بعض الأطعمة عند بعض الأشخاص، ونفس تلك الانفعالات قد تقلل (تُثبط) من تناول الأطعمة عند آخرين.

وأوضحت أنه للحفاظ على حيوية وفاعلية الدماغ حتى يكون المرجعية لباقي الأعضاء من ناحية، وأن نتمتع بالاستقرار النفسي حتى في ظل وجود الشدائد والمنغصات يجب أن نهتم بتغذية الدماغ، وما يجلب له القوة والحيوية والفعالية، وأن نبتعد عن المُثبطات له.

ولفتت إلى أن هناك ما يجلب الاستقرار النفسي للدماغ، كشرب الماء المعدني، فيجب أن نقيم علاقة صداقة مع شرب الماء المعدني على وجه التحديد، بما يعادل 2 لتر في المتوسط في اليوم الواحد، وتناول الفاكهة والسلطات والخضراوات؛ لأنها تحتوي على مجموعة من الفيتامينات المهمة مثل B1, B3, B6 والغنية بالعديد من المعادن المهمة للدماغ مثل الماغنيسيوم والكالسيوم والفسفور، ونخص بالذكر من الفاكهة الموز طعام الحكماء، والخس طعام الفلاسفة.

كما أن تناول الأفوكادو والتونة والسردين والجرجير والجوز والكاجو على وجه التحديد يُسهم في مدّ الدماغ بحيوية دائمة، والمحافظة على استقرار نفسي جيد، وأيضًا في حال حدوث أي اضطراب يُعكر الأجواء النفسية تكون العودة أسهل وأسرع مقارنة في حال غياب هذه الأصناف، إلى جانب أن تناول البيض واحد من أهم الأصناف التي تؤدي دورًا في الناقلات العصبية للدماغ، ما يتيح له السرعة والبديهة والتذكر سريعًا، وفق قول وادي.

وتابعت حديثها: "لا ننسى النشويات التي تحتوي في طياتها على الحمض الأميني "تريبتوفان"، والحبوب الكاملة، فكلما كان هناك المزيد من التريبتوفان في الدماغ، كان هناك المزيد من مادة السيروتونين، وهي مادة مسؤولة عن الحالة المزاجية لدى الأفراد".

إضافة إلى ذلك –كما قالت- فإن الأطعمة التي تحتوي على فيتامين د وخاصة الأسماك، تحتوي على مستويات عالية من السيروتونين، وهنا نبه على أن من يتبع نظام حمية متدنيًا من النشويات يشعر بوضوح مدى الفرق في الحالة النفسية له قبل وفي أثناء اتباعه للحمية.

وبينت وادي أن التوابل المختلفة الغنية بالعديد من الخواص الإيجابية لصحة الدماغ تُسرع من أوامر الهضم وتعطي النكهات المفضلة لكل فرد، إلى جانب الشوكولاتة الداكنة التي تمنح سرعة إعادة التوازن والاستقرار النفسي.

واستكملت: "هذا من السهل الحصول عليه إذا حرصنا على عدد من الوجبات من 3-5 وجبات ثلاث أساسية (إفطار وغداء وعشاء) واثنتان من الوجبات الخفيفة من فاكهة أو مكسرات مخلوطة أو عصائر طبيعية.

أما ما يُفسد حيوية الدماغ، ومنها إلى زيادة حدة الاضطرابات النفسية، فأشارت وادي إلى أن التدخين، وتجنب العطش فهو عامل من عوامل الاكتئاب، وتناول القهوة مساءً من أشهر مُفسدات الدماغ وتقلل من حيويته، وعليه سرعة الشعور بالتوتر، إضافة إلى الإفراط في تناول السكريات، والزيوت المهدرجة الموجودة في الوجبات السريعة أو استخدام الزيت المقلي لعدة مرات.

ونصحت بضرورة تجنب تعريض الطعام في أثناء الطهي لدرجات حرارة عالية، فهذا يصاحبه بعض المواد السامة للجسم، والمُلونات والصبغات والنكهات الاصطناعية، والمشروبات الغازية والعصائر المركزة، والعمل على التنوع في المصادر الغذائية الإيجابية، وتجنب ما يُفسد نشاط وحيوية الدماغ فهو الطريق والملاذ الآمن للاستقرار النفسي والذي يتمنى كل فرد في المجتمع أن يحصل عليه.