جنيف/ فلسطين:
خلص تقرير حقوقي أوروبي إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي صعدت خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي من سياسات معاقبة المصلين في المسجد الأقصى المبارك وإبعادهم عنه، إلى جانب خنق المقدسيين وملاحقتهم عبر عمليات الاحتجاز والاعتقالات التعسفية وعمليات دهم وتفتيش منازلهم، فضلًا عن حالات هدم البيوت المتواصلة والسعي لمنع المنهاج الفلسطيني من التدريس في القدس.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في تقرير حمل عنوان "ممنوعون، الإبعاد والتهجير والملاحقة التعسفية للفلسطينيين في القدس خلال شهر سبتمبر/ أيلول 2018"، أنّ الانتهاكات الإسرائيلية تضاعفت خلال سبتمبر الماضي بصورة كبيرة تزامنًا مع الاحتفال بالأعياد التلمودية، حيث يستنفر جنود الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى ومحيطه، وتزيد الاستفزازات والانتهاكات في مناطق العبادة في القدس، ولا سيما في منطقة المسجد الأقصى والبلدة القديمة.
ولفت الأورومتوسطي -ومقره جنيف- إلى أنّ الشهر المنصرم شهد سعيًا حثيثًا من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لفرض المنهاج التعليمي الإسرائيلي في المدارس الفلسطينية في المدينة، وتهيئة أجوائها للتعامل مع قانون القومية اليهودي باعتباره جزءًا أساسيًا من منظومة العمل في المحاكم.
وبرزت خلال سبتمبر الماضي بحسب تقرير الأورومتوسطي قضية إخلاء قرية الخان الأحمر، التي أدانتها الأمم المتحدة، كمثال بارز على المدى الذي وصلت له الانتهاكات التي تطال الفلسطينيين في القدس، فلم يبقَ لهم حق بحرية دينية، ولا هم حتى آمنون على بيوتهم ومستقبلهم.
سياسة تعسفية
وذكر الأورومتوسطي أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي تنتهج سياسة تعسفية تجاه الفلسطينيين الموجودين في المسجد الأقصى أثناء دخول مجموعات من المستوطنين، بحيث يمكن أن يكون مجرد الحضور في ساحات المسجد في تلك الأوقات مدعاة للاحتجاز، وخصوصاً في منطقة باب الرحمة، حيث يتم توجيه تهمة "الإخلال بالنظام العام" لهم، وهي تهمة واسعة وفضفاضة كما هو واضح.
وذكر أنّ يوم الخميس 20/9/2018 شهد اعتقالات بالجملة على هامش الأعياد التلمودية ضد الفلسطينيين الذين كانوا حاضرين في المسجد الأقصى، مستعرضًا شهادة لأحد المعتقلين ويدعى "رامي الفاخوري" أفاد فيها كيفية الاعتداء على المصلين بشكل همجي.
وحول سياسة دهم المنازل للاعتقال، استعرض تقرير الأورومتوسطي عشرات الحالات التي سجلها خلال شهر سبتمبر والتي تشكّل سياسة إسرائيلية ممنهجة في دهم المنازل وتفتيشها بشكل شبه يومي، وأوضح الأورومتوسطي أنّ تلك السياسات غالباً ما تكون دون إظهار مذكرات بالتفتيش أو الاعتقال أو دون تقديم سبب واضح لعملية التفتيش.
وشهد شهر سبتمبر 2018 وفقًا لتقرير الأورومتوسطي حالات عديدة من استخدام القوة والعنف والاعتداء بالضرب على فلسطينيين في مدينة القدس، منها ما تمّ بواسطة عناصر شرطة الاحتلال الإسرائيلية أو الجنود والقوات الخاصة، ومنها ما تمّ على أيدي مستوطنين.
وحولانتهاكات المستوطنين الإسرائيليين، أوضح الأورومتوسطي أنّ خطورة تلك الانتهاكات أو الممارسات غير القانونية للمستوطنين تجاه الفلسطينيين تتمثل في أمرين، أنها تتم غالباً بحراسة قوات الاحتلال وعلى مرأى منها، وأنها في معظم الأحيان لا تخضع للمحاسبة والمساءلة القانونية.
وعرج على تطبيق قانون القومية اليهودية -ذو الطابع العنصري، قائلًا: "يبدو أنّ السلطات الإسرائيلية ماضية على أرض الواقع في تطبيق هذا القانون، وهـو مـا يثيـر مخـاوف كبيـرة ولاسـيما بالنسـبة للفلسـطينيين فـي القـدس، حيـث ينـص القانـون علـى أن حـق تقريـر المصيـر هـو لليهود حصرًا، دونًا عـن الفلسـطينيين المسـلمين الذيـن هـم سـكان القـدس حتـى قبل قيام دولة (إسرائيل)".
وفي جانب آخر أوضح الأورومتوسطي في تقريره أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس سياسة تعسفية قاسية تجاه الفلسطينيين في القدس فيما يخص بيوتهم ومساكنهم، حيث تسعى إلى تهجيرهم في صورة تكتنز العديد من انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية.
واستعرض الأورومتوسطي في التقرير عددًا من الحالات التي جرى فيها هدم منازل لفلسطينيين في مدينة القدس خلال سبتمبر 2018، منها.
ودعا الأورومتوسطي في نهاية تقريره سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى كف يد المستوطنين عن الممارسات غير القانونية تجاه الفلسطينيين، والعمل على حماية الفلسطينيين كغيرهم من "السكان" ومحاكمة من يعتدي عليهم.
كذلك طالب بإلزام بلدية القدس بإصدار مخطط بناء واضح لمناطق القدس بما يسمح للفلسطينيين في البناء بحرية وفق متطلبات التنظيم الهندسي وليس الاستيطان، فضلًا عن إجراء التحقيقات اللازمة في حوادث الاعتداء على الفلسطينيين في مدينة القدس، والاتهامات الكاذبة بحقهم، وتعويض الذين تعرضوا لإجراءات تعسفية تعويضًا عادلًا ومحاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات.
وجدد الأورومتوسطي دعوته للمجتمع الدولي بضرورة الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف انتهاكاتها في القدس المحتلة وتحذيرها من مغبة استمرار انتهاكات الحريات الدينية في المدينة المقدسة وسياسات هدم المنازل، مطالبًا بالعمل عبر اجتماع للدول الأعضاء في اتفاقيات جنيف على كفالة احترام سلطات الاحتلال الإسرائيلي للاتفاقية، بما في ذلك الامتناع عن التهجير القسري والاعتقال التعسفي واحترام الحريات الدينية ووقف التعديات على المسجد الأقصى.

