تستعدّ رام الله المحتلة من جديد لانعقاد المجلس المركزي الفلسطيني دون توافق وطني، الشهر الجاري، في وقت يشي خطاب رئيس السلطة محمود عباس، لا سيما الأخير أمام الأمم المتحدة، بأنه عاقد العزم على اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة، مقابل استمراره في مد يد ما يسميه "السلام" لـ(إسرائيل)، رغم فشل اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993.
وأول من أمس، قال عباس: "سنكون مضطرين لتنفيذ كل ما يؤكده المجلس المركزي في الـ26 من الشهر الجاري"، بعدما أكد في خطابه أمام الأمم المتحدة، أن آخر جولات الحوار فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية سيكون في الفترة القادمة، مهددًا القطاع بقوله: "وسيكون لنا بعد ذلك شأن آخر"، مقابل تباهيه بعدم رفض المفاوضات في أي مناسبة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف عباس حينئذ: "لن ولن ولن نتحمل أي مسؤولية من الآن فصاعدًا"، في قطاع غزة الذي تفرض عليه (إسرائيل) حصارًا مشددًا منذ 12 سنة.
وامتنع عباس عن تنفيذ قرارات سابقة "للمركزي" منها وقف التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال في الضفة الغربية، الذي سبق أن وصفه بـ"المقدس"؛ على حد قوله.
وقال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عمر شحادة: إن من يريد تنفيذ المقررات الوطنية عليه أن يلتزم دفع رواتب الموظفين وتنفيذ قرارات التوافق الوطني، وليس اتخاذ مزيد من الإجراءات التي لا تخدم منظمة التحرير ولا القضية الوطنية، بل على العكس هي كمن يطلق النار على قدميه.
ودعا شحادة في حديث مع صحيفة "فلسطين"، إلى تنفيذ قرارات التوافق الوطني والكف عن التعلق بعقد اجتماعات غير شاملة، سواء المجلس المركزي أو اللجنة التنفيذية أو غيره من المؤسسات، التي وصفها بأنها "عاجزة عن الإجابة عن التحديات الوطنية التي تتطلب موقفا موحدا ومقاومة ووحدة وصمودا وطنيا شاملا للشعب الفلسطيني".
وأضاف أن أي إجراءات أو مظاهر لتحرك دولي بمعزل عن وحدة الشعب الفلسطيني ونضاله ووحدة تمثيله في منظمة تحرير تضم القوى الوطنية والإسلامية وعلى برنامج وطني جديد على أنقاض اتفاق أوسلو، لا يمكن أن تخدم الشعب الفلسطيني، بل على العكس تخدم المخططات الإسرائيلية الرامية لتفتيت شعبنا وقضيته وحقوقه ومنجزاته.
ورفض شحادة عقد "المركزي" الشهر الجاري، مبينا أنه لا يشكل حلا لا للوحدة الوطنية ولا لمنظمة التحرير في ظل "وضعها المتردي"، قائلا: "نحن بحاجة إلى حوار وطني شامل" تشارك فيه القوى الوطنية والإسلامية كافة.
وأصرّ شحادة على ضرورة دعوة عباس لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير للانعقاد لمناقشة التحديات الأمريكية والإسرائيلية التي تواجه الشعب الفلسطيني.
وشدد على أن عقد هذه اللجنة هو "المدخل الوحيد والحقيقي للتصدي للعدوان الأمريكي الإسرائيلي"، وفي الوقت نفسه فتح الباب لمرحلة جديدة قائمة على أنقاض أوسلو والتزاماته.
لغة التهديد تخدم "الأعداء"
وبشأن خطاب عباس في الأمم المتحدة، قال شحادة: لغة التهديد لشعبنا في لقمة عيشه ومقومات حياته الإنسانية البسيطة ومقومات الصمود الوطني لن يستفيد منها إلا أعداء الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن المطلوب مواجهة الاحتلال لا مهادنته، مشددًا في المقابل على وجوب مساندة الشعب الفلسطيني في ظل العدوان والحصار في غزة وفي بقية أماكن وجوده وتعزيز وحدته سواء داخل أو خارج فلسطين عبر إعادة بناء منظمة التحرير على أساس برنامج توافقي يتيح المجال لمشاركة أبناء الشعب كافة وقواه السياسية والاجتماعية في وحدة المقاومة وصياغة القرار الوطني بعيدًا عن منطق التفرد والاستحواذ والاستئثار بمقدرات الشعب الفلسطيني وحقوقه.
وتابع بأن هذا هو الدرب الوحيد الذي يمكن أن يخدم الشعب الفلسطيني، وغير ذلك سيلحق الضرر به، لافتا إلى أن سياسة قيادة منظمة التحرير الجارية لن تقود إلى أي شيء يخدم القضية الفلسطينية بل ستقود إلى مزيد من التدهور.
من جهته، دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تيسير خالد إلى تنفيذ فوري لوقف التنسيق الأمني في الضفة الغربية وسحب الاعتراف بـ(إسرائيل) التي لا تعترف بما تطالب به منظمة التحرير، وهو إقامة دولة فلسطينية على ما يعرف بحدود 1967 عاصمتها القدس.
وأكد خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ضرورة وقف كل الإجراءات التي تتخذها السلطة بحق قطاع غزة، وتنفيذ ما تم التوافق عليه في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017 في القاهرة "تنفيذا أمينا ودقيقا".
وفي أغسطس/آب الماضي انضمت الجبهة الديمقراطية، إلى الفصائل المقاطعة لاجتماع المجلس المركزي الانفصالي في رام الله المحتلة، الذي لم تشارك فيه حركتا المقاومة الإسلامية حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وآخرون.
وكان عباس، رد على تفاهمات بيروت في يناير/ كانون الثاني 2017 حول المجلس الوطني، بعقده منفردا في رام الله بالضفة الغربية المحتلة نهاية أبريل/ نيسان الماضي، في حين قابل اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة بأكتوبر/ تشرين الأول 2017، باستمرار فرض الإجراءات العقابية على قطاع غزة.
وتشمل إجراءات السلطة منذ مارس/ آذار 2017 الخصم من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة الغربية، وتأخير صرفها، كما تمس مجالات حيوية كالصحة والكهرباء والوقود، وغيرها.

