فلسطين أون لاين

غُنْمِة لـ"فلسطين": الضفة الغربية تشهد أخطر موجات التغول الاستيطاني

...
صورة من الأرشيف
غزة/ أدهم الشريف:

قال الباحث المتخصص في شؤون الاستيطان محمد غُنْمِة: إن "ما تشهده الضفة الغربية المحتلة في المرحلة الراهنة يمثل أخطر موجات التغول الاستيطاني الإسرائيلي منذ عقود"، واصفًا 2025 بأنه "عام الاستيطان الشامل."

وأكد غُنْمِة لصحيفة "فلسطين"، أن عدد البؤر الاستيطانية والمستوطنات تضاعف بصورة غير مسبوقة على حساب الأراضي الفلسطينية وحقوق سكانها المحليين، وبما يقوض بشكل ممنهج أي إمكانية واقعية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وأضاف: "الاحتلال لم يكتفِ بتغوله في الضفة الغربية عبر الاستيطان، بل يسعى إلى تكثيف احتلال المزيد من أراضي الضفة لتسكين مليون إلى مليوني مستوطن، حتى يصبح عددهم موازيًا لعدد السكان المحليين."

وأوضح غُنْمِة أن سياسات الاحتلال لم تعد تكتفي بتوسيع المستوطنات القائمة، بل انتقلت إلى مرحلة فرض وقائع ديموغرافية وجغرافية جديدة، عبر إنشاء بؤر استيطانية عشوائية تُمنح لاحقًا غطاءً قانونيًا، وشق طرق التفافية، ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية.

ورافق سياسات الاحتلال تشديد القيود على حركة الفلسطينيين لاسيما بوسائل عديدة أبرزها الحواجز العسكرية، والجدار العازل الذي يلتهم مساحات واسعة من أراضي الضفة المحتلة.

وأكد أن التوسع الاستيطاني المتسارع يأتي ضمن رؤية سياسية إسرائيلية واضحة وقديمة، تهدف إلى تفتيت الجغرافيا الفلسطينية وتحويل المدن والقرى إلى جزر معزولة، ما يبدد إقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة.

وبين أن الاحتلال يعمل على تسمين المستوطنات لتصبح مدن كبرى تحتل مساحات واسعة من الضفة الغربية، ويعزل القدس نهائيًا عن محيطها الفلسطيني.

ونبه غُنْمِة إلى أن الاستيطان لا يستهدف الأرض فقط، بل يضرب ركائز الوجود الفلسطيني من خلال التضييق الاقتصادي وحرمان المزارعين من أراضيهم، وتهجير التجمعات البدوية والريفية قسرًا تحت ذرائع أمنية وتاريخية واهية.

ولفت إلى أن قوات الاحتلال ومستوطنيه يلاحقون أيضًا رعاة المواشي في المناطق الرعوية، لا لمنعهم من الوصول إلى هذه المناطق فحسب، بل لفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليها، وإنشاء بؤر استيطانية جديدة تعمل أذرع الاحتلال على تحويلها إلى مستوطنات كبيرة لاحقًا.

وخلال حرب الإبادة على غزة التي بدأتها (إسرائيل) يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 واستمرت 734 يومًا، صعدت حكومة الاحتلال اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو، من عمليات التوسع الاستيطاني والتهويد في كل من الضفة الغربية والقدس المحتلتيْن.

ورأى غُنْمِة، أن نتنياهو استغل انشغال العالم بحرب بغزة لتنفيذ مخططات التهويد والاستيطان محاولاً انتهاز فرصة لا تتح أمامه من قبل، في وقت تسعى فيه حكومته بقوة إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة إلى كيان الاحتلال.

وأشار إلى أن ما يجري في الضفة الغربية يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر الاستيطان غير قانوني، إلا أن غياب المساءلة الدولية شجع الاحتلال على المضي قدمًا في سياساتها دون رادع.

وشدد على أن الاستيطان أصبح أداة مركزية لـ(إسرائيل) لإجهاض حل الدولتين، حيث تعمل على فرض سيطرتها على مناطق واسعة من الضفة الغربية، خصوصًا في المناطق التي تشكل العمق الجغرافي والاقتصادي للدولة الفلسطينية المنشودة.

وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الاستيطان، أن استمرار هذا النهج يعني تكريس نظام فصل عنصري قائم على التمييز الممنهج بين المستوطنين والمواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض.

وعدَّ غُنْمِة أن مواجهة التغول الاستيطاني يتطلب تحركًا فلسطينيًا موحدًا، وجهدًا قانونيًا ودبلوماسيًا فاعلاً على المستوى الدولي، إلى جانب دعم صمود المواطنين على أرضهم، محذرًا من أن الصمت الدولي سيجعل من الاستيطان واقعًا نهائيًا يبدد حلم الدولة الفلسطينية ويعمق الصراع مع الاحتلال.

 

المصدر / فلسطين أون لاين