دأبت الأوساط الإسرائيلية في الآونة الأخيرة على التحذير من اندلاع توترات أمنية قريبة بالضفة الغربية، بالتزامن مع إكثار مزاعمها حول الكشف عن خلايا مسلحة وكميات من الأسلحة المختلفة في مناطق من الضفة.
جاءت عملية سلفيت في الساعات الماضية لتؤكد ما تعتقده إسرائيل بأن المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس تبذل جهودًا مضنية لتنفيذ عمليات مسلحة بالضفة، تستهدف جنود الاحتلال، ومهاجمة المستوطنات، ما دفع الجهات الأمنية والجيش بتشكيلاته لتعزيز الحراسات في المناطق المستهدفة.
وقعت عملية سلفيت رغم "اتساع مؤشّر الخوف" في الضفة، وقيام دوريات عسكرية بمهام غير اعتيادية من حيث المهام الميدانية، واتساع الدائرة في المستوطنات ومحيطها، والطرق والمعابر المؤدّية إليها، واعتماد أسلوب التمويه وجمع المعلومات بوجود أنماط جديدة وشديدة من التيقّظ والحمايات الأمنية والحراسات، للحيلولة دون أن يتمكّن أحد من تنفيذ أي عمليات سواء كانت عسكرية أو خطف.
شكلت عملية سلفيت استهدافا مباشرا للمستوطنات المنتشرة بالضفة لكونها أكثر المناطق المرشحة لتنفيذ العمليات، حيث تلاحظ بالعين المجردة تلك التحرّكات، وتشهد مستوطنات أخرى تضاعف إطلاق قنابل الإنارة الليلية بكثافة غير مسبوقة، وتظلّ المنطقة تخضع لعنصرٍ آخر يرفع مؤشّرات الخوف لدى الإسرائيليين وهو استمرار حالة الضباب الليلي على التلال الجبلية هناك.
كما تشتد الأمور من حيث كثافة النيران العشوائية والإنارة الليلية، ويتبيّن لاحقًا أنها مناورات على الاستعداد لأي طارئ، وعلى طول نقاط التماس والمستوطنات تتكرّر الصورة بشكلٍ أوسع،بما ينطبق على كل المستوطنات.
يشير واقع التجربة بالضفة، إلى أن معسكرات الجيش تعدّ مواقع متقدّمة يقع على عاتقها العبء الأكبر في تنفيذ المهام، والتخطيط لها، من حيث قربها وتواصلها مع ضباط أمن المستوطنات والدوريات المسلحة للمستوطنين هناك.
تشكّل هذه التفاصيل بحدّ ذاتها ضغطًا عالي الحساسية لمجمل الملف الأمني الإسرائيلي، والتداعيات الناجمة عن نجاح المقاومة باختراق الاحتياطات، وما يعرف بـ"الضرب في المليان"، وهو بحدّ ذاته يدفع باتجاه تفريغ المستوطنات وإشعار المحتلين بفقدان الأمان في مختلف مناطق الضفة الغربية.
ووفق الكثير من السيناريوهات، وبعيدًا عن الظروف الموضوعية والذاتية التي تمر وما زالت تمر بها المقاومة في الضفة، فإنها قد تتخذ أشكالا عدة: بين مهاجمة دوريات العدو وقطعان مستوطنيه، وعمليات اقتحام المستوطنات، وإن أصبحت أكثر صعوبة، والعمليات داخل العمق الإسرائيلي، صحيح أن هذا النوع من العمليات هو الأكثر تأثيرًا على دولة العدو، إلا أن هذا العمل أصبح بعد بناء الجدار في غاية الصعوبة.
أخيرًا.. جاءت عملية سلفيت رغم ما حققته أجهزة المخابرات الإسرائيلية وجيشه من نجاحات كثيرة في الفترة الأخيرة بالضفة، وبدا الأمر كما لو أنه سباق مع الزمن، لمنع تحقيق سيناريو تصعيد المقاومة فيها، ما جعل الجيش يعتمد سياسة الضغط المستمر على قيادات وخلايا المقاومة، السياسية والعسكرية.