ما جرى صباح اليوم، من عملية إطلاق نار على ثلاثة مستوطنين ومقتل اثنين منهم في المنطقة الصناعية "بركان" والتي تقع شمال سلفيت شمال الضفة الغربية، وقرب ثاني أكبر مستوطنة في الضفة وهي مستوطنة "اريئيل" يستدعي قراءة سريعة لانعكاساتها.
المصادر العبرية ترجح أن المنفذ من مدينة قلقيلية، وأنه نجح بالانسحاب من المكان بسلام، وهذا يشير إلى أن المنفذ قد خطط مسبقا وجيدا للعملية، كون المصانع عليها حراسة طوال ال 24 ساعة، كما أن هناك دوريات من الجيش وحرس المصانع.
قامت قوات الاحتلال كالعادة بإغلاق سلفيت ومنطقتها وقلقيلية ومنطقتها وهو تصرف بات معلومًا, خاصة إن اتضح لها أن المنفذ نجح بالانسحاب إليها، وتشن حملة اعتقالات للوصول إلى المنفذ، وقد ينجح بالإفلات من منظومة الاحتلال الأمنية المشددة، ولكن تبقى الاحتمالات قليلة قياسًا على منفذي عمليات سابقة- نسأل الله أن يبعده عن الاحتلال وعملائه-، ما لم يكن المنفذ على درجة عالية من السرية والتخطيط الجيد.
تعد العملية ضربة لحكومة "نتنياهو" التي تعتقد أنها استفردت بغزة، وإذ بالضفة تقف لجانب غزة لتخفيف الضغط عنها، فمنظر طفل بعمر 12 وهو مسجى برصاص الاحتلال يستفز حتى أقسى القلوب قساوة، فالطفل فارس السرساوي والذي تم قنصه يوم الجمعة الماضي على السياج الفاصل بين غزة وأراضي الـ48، كل جريمته أنه كان يهتف للوطن ولم يكن مسلحا، بل عبر عن حبه لوطنه بطريقة سلمية بسيطة ومتواضعة، فيقتل قنصا بجريمة حرب لا تسقط بالتقادم، قيما لو كان مكان الطفل السرساوي طفل يهودي تم قتله من قبل المقاومة الفلسطينية – وما هي بفاعلة لعظم أخلاقها- لقامت الدنيا ولم تقعد، وقد تشن حرب لأجله بدعم غربي.
قد يخرج علينا إعلام الاحتلال بأن العملية هي خلاف في العمل أدى لذلك، وقد يخرج بقصة أخرى مغايرة، فكل الاحتمالات تبقى موجودة، لكن ما حصل يعد ضربة لمنظومة الاحتلال الأمنية التي تعد نفسها لا تخترق.
هناك نتيجة منطقية لا يمكن دحضها، وهي أينما وجد احتلال وجدت المقاومة له، ومن يتحمل وزر إزهاق الأرواح هو الاحتلال، فحكومة "نتنياهو" لا ترى في الشعب الفلسطيني، سوى أنه درجة ثانية وذلك بحسب قانون القومية الذي أقر أخيرا من الكنيست.
يقر القانون الدولي الإنساني الحق لمن يقع تحت احتلال أن يقاوم محتليه بكل الطرق والأساليب، وإن صح أن ما جرى هو عملية مقاومة فإنها لا تخالف القانون الدولي الإنساني فلا يوجد شعب عبر التاريخ سكت عن محتليه ورضي به.
كما أن العملية تعد خرقًا واضحًا ولا لبس فيه لكل الجهود الأمنية وتصريحات وزير حرب الاحتلال "ليبرمان" بأن الوضع في الضفة مستقر، وأن الجهود الامنية نجحت في إنهاء العمليات، فالعملية أبطلت ذلك وفضحت هشاشة المنظومة الأمنية.
كنتيجة أولية رفعت العملية من معنويات غزة المحاصرة، فكل عمل يدفع لعمل آخر، ويعطي نتائج معروفة ومعلومة وغير معروفة أحيانا، لكن بالمجمل العام تعد دعما كبيرا ونجاحا يتبعه نجاح إلى أن يتم كنس الاحتلال لاحقا.
في كل الأحوال، الاحتلال لن يبقى، والمقاومة ولادة رغم ما تتعرض له من هجوم قوي جدًا وواسع من حيث تعلم أو لا تعلم، لكن كل جهود إنهاء المقاومة ستبوء بالفشل الذريع، كون الشعب الفلسطيني صاحب حق، ومن يطالب بحقه سينتزعه لاحقا طال الزمان أم قصر من حلوق أعدائه.