فلسطين أون لاين

​ألن تعود أيها الفرح؟

قلبي يكاد يرفع الرايات الرمادية، وعيوني تكاد الدموع تستوطنها، ووجهي تكاد البسمات تهجره، وبريق الأمل كاد يكسوه الغبار.. لم يعد لي مكان في دنيا الفرح، بعد أن جمع الفرح أمتعته على عجل وهجر دياري وجفا قلبي.. بالله عليك أيها الفرح أين أنت الآن؟ أين ذهبت وتركتني وحدي أكابد الأحزان والقسوة والبرد.. أي طريق معتمة أخذتك بعيدًا عني؟ في أي زنزانة موصدة أو كهف مقفل أو مدفن قديم قِدم فرعون أخفوك عني وواروك حتى لا تفكر بالعودة إلي أو الاهتداء إلى مكاني؟ وكأن هواجس الدموع وأنين الأحزان وآلام الروح والنفس هي قدري الذي لا مفر منه.. هل ضللت الطريق أيها العزيز إلى قلبي وقلوب أحبتي ولم تهتدِ إليها مرة أخرى؟

ألن تعود أيها الفرح؟

نشتاقك أيها الفرح.. نشتاق رنين ضحكاتك ووشوشة همساتك وبريق وجودك يتلألأ في العيون ينبض بالأمل يفوح بالعطر يشرق في النفوس.. نحن إليك تشرق علينا كما الصباح، وتغني في أروقتنا كما البلابل، وتحل في ديارنا لا تهجرها..

ألن تعود أيها الفرح؟

نحِنُّ إليك تزيح عن قلوبنا الليل البهيم الذي يرفض أن ينزاح ويبتعد تاركًا مكانًا للشمس للضوء للدفء لتنتعش الأرواح والقلوب. فنفوسنا غدت من بعدك كالأرض اليباب تشتاق قطرة ماء أن تهطل في سمائها ونبتة خضراء أن تنبت في أرضها وعصافير الدوري ترفرف في جوها وتبعث فيها الحياة والحب والمرح.. فأين أنت أيها الفرح البعيد؟

ألن تعود إلينا؟

سقطنا في غيابة الحزن.. فلم نجد سيارة يرسلوا واردهم فيدلي دلوه ويخرجنا، أو نجد عزيز يكرم مثوانا وتراودنا زوجته ثم يجعلنا على خزائن الأرض فنوزع مكاييل الفرح على كل حزانى الأرض ونستبدل البضاعة المزجاة ببسمات وسعادة ونعيد نور الحياة لمن يشتاق إليها.

ألن تعود أيها الفرح؟

سقطَّ في لجج الغياب.. وسقطنا في لجج الأيام الخاوية، فلا أنت عدت إلينا، ولا نحن استطعنا أن نرسو على يابسة نرتاح على شاطئها.. فبقينا نصارع الأمواج العاتية على أمل اللقاء برغم المياه العميقة.. ووحوش البحر التي تتربص بنا وتشتهي دماءنا وأرواحنا.. نعاركها، نقاومها، ونصمد في وجهها وأمام جبروتها دون أن ندعها تتذوق لذة النصر علينا.. فنحن على موعد معك.. ربما فوق الأرض أو في بطنها أو هناك تحت الأعماق.. فكلي ثقة بأننا سنلتقي يومًا..

فهل ستعود أيها الفرح؟

هناك في أعالي الجو، نسورٌ وعقبانٌ وبُوم وغربان، وعلى الأرض ضباع وثعالب وذئاب وكلاب تنتظر أن نتهالك.. أن ننكسر، أن نقع، أن نتوقف عن الزحف والتقدم، أن نستسلم في بداية الدرب الوعر أو منتصفه أو حتى قبل نهايته المهم أن لا نصل، ونتوقف عن طرق الباب الذي يقف حاجزًا بيننا وبين النور الهواء الندي وأصوات الحياة الجميلة.

فهل ستأتي أيها الفرح؟

لن أعدك بأنني سأفرش الطريق ورودًا لك.. ولن أرش العطر لك.. وأنثر الفراشات لتتطاير من حولك.. ولن أزرع لك أشجارًا وارفة الظلال وأجعل العصافير الملونة تغرد فرحة على أغصانها فرحة بقدومك.. أبدًا أيها الفرح.. ستأتي أنت بنفسك إلى الأرض القاحلة والوجوه التي حفر فيها الحزن أخاديده والقلوب التي نسيت لذة حلاوتك.. فتلامس أوتار القلوب وتبث فيها عطرك وبسماتك..

فهل ستأتي أيها الفرح البعيد لتنثر السعادة في القلوب القاحلة وتبث فيها الحياة؟ نحن بانتظارك فتعجل بالقدوم إلينا.