"لو علمت أن عملية الأسر كانت ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعًا"، هذه الجملة قالها حسن نصر الله زعيم حزب الله بعد شهرين من حرب تموز التي انتصرت فيها المقاومة اللبنانية على العدو الإسرائيلي، هذا الندم تلقفه العدو الإسرائيلي وكأنه هدية من السماء لأنه حول الهزيمة إلى نصر، حيث لم يفلح جيش الاحتلال طيلة الحرب من الحصول على صورة مشرفة يواجه بها شعبه، واختفت كل الصور وبقيت هذه الجملة ترددها (إسرائيل) مع كل توتر يحصل في جنوب لبنان رغم مرور أكثر من 12 عامًا على الحرب.
دولة الاحتلال (إسرائيل) كانت تنتظر ندمًا مماثلًا لندم حزب الله من جانب حماس، ولكن رغم مرور 4 أعوام على آخر عدوان للمحتل الإسرائيلي على قطاع غزة، ورغم الدمار الشديد الذي لحق بغزة إلا أن حماس لم تمنحهم ما يريدون، بل زادت المقاومة في غزة تحديًا وإصرارًا وتكاد تقطف ثمار صمودها وصمود حاضنتها الشعبية، لذلك لجأت بكل سذاجة إلى تزوير الحقائق وتلفيق التصريحات لقائد حماس في غزة السيد يحيى السنوار، فنقلت عنه أنه قال: "من يريد الحرب مع دولة نووية وهو لا يملك إلا مقاليع؟"، مدعية أن ذلك التصريح جاء في مقابلة مع صحيفة إسرائيلية، ولكن الحقيقة ظهرت لاحقًا بأن ما قاله هو: "نحن نواجه قوة نووية بمقاليع، لكن إذا لم نتمكن من الانتصار، فإن انتصار نتنياهو سيكون أسوأ من الهزيمة؛ لأنها ستكون الحرب الرابعة"، فشتان شتان بين العبارة الأولى والتي فيها تخويف من نووي (إسرائيل) وبين التحدي والاستعداد لمعارك أخرى لن تخرج فيها دولة الاحتلال إلا مهزومة.
المحتل الإسرائيلي أراد إرسال رسالتين للشارع الفلسطيني والعربي؛ الأولى أن حماس رفعت الحظر عن الالتقاء بالإسرائيليين والثانية أن حماس نادمة وخائفة من القوة الجبارة "النووية" للعدو الإسرائيلي، ولم ينجح العدو إلا في خلق حالة من الإرباك الإعلامي "المؤقت"، أما في صفوف حماس ومن يؤيدها فقد انتهى الإرباك بمجرد نشر النص الأصلي للمقابلة، فتبين أنه لقاء مع صحفية إيطالية وتبين أن السنوار أكد كل الثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني والاستعداد لمواجهة أي تهديد إسرائيلي قادم، وأن الحركة ما زالت ثابتة على موقفها ولكن الجديد أن حماس تشعر أنها أقوى مما كانت عليه في الحرب الأخيرة وأن دولة الاحتلال لم تعد قادرة على فعل المزيد ضد غزة، كما أكد السنوار أنه يرفض صفقة القرن ويرفض أن يكون رفع الحصار عن غزة مقابل ثمن سياسي، وأن الحصار يمثل نوعًا من أنواع الحرب، أي أن من حق حماس الرد على الاعتداء الإسرائيلي المتمثل بالحصار.
في النهاية أود توجيه نصيحتين، الأولى إلى الذين ما زالوا يتمسكون بما نشرته الصحف العبرية بما يحتويه من تلفيقات، وهو أن الكذب حبله قصير ولا يخرج أحدًا من البئر، أما النصيحة الثانية فأوجهها إلى من يتعرض إلى عملية تشويه أو تلفيق مماثل لما حصل مع السنوار، الأصل أنه تم نشر المقابلة الأصلية بعد دقائق فقط من القصة المختلقة للصحيفة العبرية وعدم الانتظار ساعات لعمل المطلوب، وعدم الاكتفاء بنشر توضيحات تزيد الموقف إرباكًا.