لست بصدد إمساك العصا من الوسط ولا من أحد طرفيها، وعندما نتحدث عن مشاعر المواطنين وأحاسيسهم لا بد من وضع الحسابات السياسية جانباً، فالمواطن وجد نفسه خارج الإطار السياسي في تجاذبات فصائلية أشبه بمسرحية هزلية وهو مجبر على مشاهدتها، رغم أنها تتكرر بفصولها ومشاهدها وكأنه لا نهاية لها.
إذا كان المواطن خارج اللعبة السياسية وإذا كان الوطن نفسه خارج المشروع الوطني "حسب أوسلو"، فما هي القضية إذًا؟ هل هي قضية أحزاب تريد أن تسيطر على "لا شيء"؟ هل سيظل الشعب الفلسطيني طرفًا مهملًا لا علاقة له بما يجري ويدور على الساحة الفلسطينية؟
المواطن دفع تكاليف ما يحصل منذ 11 عاما، من دمه وماله وراحة باله بسبب الحصار على غزة، دفع من جيبه مقابل كل دولار منعته الدول المانحة عن السلطة الفلسطينية، لذلك أقول إن المواطنين في الضفة هم من يصرف على الحكومة وليس العكس، يدفعها ضرائب ورسوما ومستحقات لا حصر لها رغم عدم توفر العمل ولا حتى لقمة عيش سهلة.
ومن المفارقات أن يأتي من يقبض راتبا خياليا ثم يقول: حكومة التوافق ليست صرافا آليا، بل هي صراف آلي يسحب الأموال من جيوب المواطنين ليقدمه لأمثاله، ليس هناك مسؤول يدفع من جيبه الخاص لينفق على الشعب أو على مشاريع في الضفة أو في غزة، المسئول يأخذ المال ولا يعطيه، لهذا لا نريد من أي شخص أن يمن على الناس أو يوهمهم أنه ولي نعمتهم، وكل ما نطلبه ألا تؤخذ باسم الشعب أموال مسيسة أو مشروطة من الدول المانحة، تلك الأموال التي لا توازي خمس ما يساهم به المواطن في ميزانية السلطة.
وحتى لا يظل الشعب طرفًا مهملًا لا بد للقيادة الفلسطينية وقادة الفصائل "إطلاع الشعب على آخر المستجدات" كما يتم إطلاع كل من هب ودب في مشارق الأرض ومغاربها، لا بد من التحدث إلى الناس بلغة مفهومة ومحددة وصريحة وبلسان صادق، ثم أقولها صريحة: دعونا من تسجيل النقاط لأننا نريد النتيجة النهائية، متى المصالحة؟ متى يرفع الحصار؟ متى سيخرج الأسرى من سجون الاحتلال؟ ماذا تفعلون في القاهرة؟ ومتى ستعودون إلى الشعب حتى يغيركم أو يختار أفضلكم في انتخابات عامة؟
في الختام أتمنى على كل فصيل تحديد الناطقين الإعلاميين باسمه إلى جانب القيادات الوازنة والمعروفة، فلا يعقل أن يخرج مسؤول حارة _على سبيل المثال_ ليهدد حماس أو فتح أو غيرهما من الفصائل، فالساحة فيها ما يكفيها من الإزعاج والتشويش.