فلسطين أون لاين

​المفصولون من "أونروا".. تلاحقهم الديون في نفق مظلم

...
جانب من اعتصام لموظفي الأونروا بغزة (الأناضول)
غزة - أدهم الشريف

"لا أعرف ماذا سأفعل الآن، ومن أين سأعيش وأسرتي وأسدد التزاماتي المالية" كلمات باح بها (ج.ح) ورافقها مزيج من الألم والمرارة، طلَّ من عينيه وهو يتحدث عن حاله بعد أن فصلته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تعسفيًا، كما يقول.

ويعتصم (ج.ح)، وهو شاب في مطلع الثلاثينات من عمره، للشهر الثالث على التوالي، أمام بوابة المقر الإداري الرئيس لأونروا في قطاع غزة، رفضًا لفصله مع نحو ألف من زملائه، وتحويل آخرين إلى العمل الجزئي حتى نهاية 2018.

يقول الشاب الذي يعيل أسرته لـ"فلسطين": "أنا ملزم ماليًا بسداد 15 ألف دينار أردني شهريًا بأوراق رسمية وسندات دين منتظم".

ويضيف (ج.ح) الذي يسكن في بيت مستأجر، أن تأخره في سداد أجرة السكن (200$) والمبالغ الملزم بها سيعرضه لملاحقة الشرطة والسجن في النهاية.

والتحق (ج. ح) بوظيفة الأونروا بعد أن طلبت منه تقديم استقالته من إحدى المؤسسات الدولية التي كان يعمل لديها سابقًا.

وكان الشاب نفسه، رفض التوقيع على قرار "الأونروا" تحويله إلى العمل الجزئي بعد أن عمل في الصحة النفسية ضمن برنامج الطوارئ لمدة 3 سنوات.

وأوضح أنه رفض التوقيع على عقد جديد للأونروا براتب شهري 430 دولارًا "فهو لا يكفي قيمة الالتزامات المالية الشهرية".

وكانت إدارة الوكالة قررت فصل قرابة ألف موظف، بداعي الأزمة المالية التي تواجهها، في أعقاب إعلان الإدارة الأمريكية تقليص تمويل المؤسسة الأممية، ولاحقًا قرارها وقف التمويل نهائيًا.

وتبلغ قيمة التمويل الأمريكي للأونروا نحو 350 مليون دولار من إجمالي موازنتها السنوية.

والجمعة الماضية، ذكرت الأمم المتحدة أن الدول المانحة تعهدت بالتزامات مالية "للأونروا" بقيمة 122 مليون دولار، وبذلك انخفض العجز حتى 68 مليون دولار.

ويبدى محمد حسين (54 عامًا) استغرابه من "تعنت" إدارة الأونروا في الاستجابة لمطالب الاتحاد بالتراجع عن قرارات الفصل "التعسفي" لقرابة ألف موظف، رغم تراجع العجز المالي.

ويعيل حسين الذي يعمل في الأونروا منذ 15 عامًا، أسرة مكونة من 7 أفراد، وملزم ماليًا بمبالغ كبيرة تقارب 50 ألف دولار.

وأبدى خشية كبيرة من تحويله إلى نظام العمل الجزئي، وإنهاء عمله مع نهاية العام الجاري، قائلا: "أصبحت لا أعرف مصيري، ولا أعرف من أين سأسدد التزاماتي المالية وديوني".

وأشار إلى أن أحد البنوك المحلية أبلغه أن الخصم على الكفلاء سيبدأ في حال عدم نزول راتب يكفي قيمة الخصم المقررة شهريًا.

وأضاف: "لا أدري ماذا أفعل في ظل الخصومات التي اتخذتها إدارة الأونروا، ووصلت 700 دولار من شهر سبتمبر أيلول الماضي، و400 دولار من آب أغسطس الماضي".

ويخشى حسين أن يصبح ملاحقًا من الشرطة في غزة في حال عدم قدرته على الإيفاء بالتزاماته المالية.

واعتصام المفصولين من الأونروا بدأ مع نهاية يوليو/ تموز الماضي، داخل المقر الرئيس للمؤسسة الأممية في مدينة غزة قبل أن ينقل إلى خارج المقر ضمن اتفاق بين الأونروا واتحاد الموظفين، وبناءً على وعود أبدتها إدارة الأونروا بإيجاد حلول بديلة عن الفصل التعسفي.

ومنذ اليوم الأول للاعتصام، يتواجد "م.ش" في الخيمة التي يؤمها المفصولون من كلا الجنسين.

وقال لـ"فلسطين": "التبرعات التي وصلت الأونروا قللت من العجز في الميزانية، والآن لماذا لم تتراجع عن الفصل؟".

وتعهد المعتصمون بمواصلة الاعتصام حتى تتراجع الأونروا عن قرارات الفصل.

وذكر موظفون لـ"فلسطين"، أنهم سيلاحقون مدير عمليات الوكالة في غزة ماتياس شمالي، في كل مكان يوجد فيه بالقطاع حتى إيجاد الحلول المناسبة للذين اتخذت الأونروا بحقهم قرارات بالفصل.

وكان قرابة 400 متضرر من قرار الفصل، تظاهروا سلميًا أمام فندق الديرة غرب مدينة غزة، حيث يقيم ماتياس شمالي، بينما أعلنت "الأونروا" سحبا مؤقتا لعدد من موظفيها الدوليين من القطاع إثر "تكرار حوادث مقلقة وذات طابع أمني لعامليها في القطاع"، وفق ادعائها.

وعم إضراب شامل في مؤسسات الأونروا كافة بغزة، أمس، ويستمر حتى مساء اليوم الأربعاء، ردًا على عدم استجابة إدارتها لمطالب اتحاد الموظفين بعد تراجع العجز المالي، وتحول بعض التعهدات المالية الدولية إلى أموال سائلة.