على الرغم من حصول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين على تعهدات مالية مجزية، أخيرًا، فإن موقف الأونروا من التقليصات التي اتخذتها في الأشهر الأخيرة لا يبدو واضحًا، الأمر الذي عدّه مراقبون "مثيرًا للريبة"، وقد يشي بإذعان المؤسسة الأممية للسياسات الأمريكية التي تدفع باتجاه الحدّ من دور "الأونروا" الوظيفي.
وحصلت الأونروا على 122 مليون دولار على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، ما أدى إلى خفض العجز المالي 64 مليون، وفقًا للمؤتمر صحفي الذي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك.
ويقول مدير عام الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين في لبنان علي هويدي: "سياسة الصمت التي تنتهجها إدارة الوكالة وعدم التراجع عن إجراءاتها التقشفية والتعسفية بحق اللاجئين الفلسطينيين في المناطق الخمس، رغم التعهدات بدعمها، يضع علامات استفهام ويثير التساؤلات".
وأكد هويدي لصحيفة "فلسطين"، ضرورة تراجع الوكالة عن تقليصاتها وقراراتها الإستراتيجية التي اتخذتها بذريعة الأزمة، بعد التحسن الذي طرأ على ميزانية عام 2018.
وأضاف: "نحن بحاجة، على الأقل، أن تُصدر الوكالة بيانًا توضح نيتها التراجع عن بعض قراراتها التي اتخذتها نتيجة العجز والإفصاح عنها لاحقًا".
ونبّه على أن أزمة "الأونروا" المالية لم تنتهِ بعد، سيّما أنها ستواجه تحديًا أكبر في العام القادم، بفعل توقف الدعم الأمريكي بالكامل، مشددًا على أن عدم إفصاح الوكالة عن نيتها "يثير الريبة".
ويتفق مع هويدي، مدير عام دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد حنون، الذي أشار إلى أن ما "حصلت عليه الأونروا هو تعهدات بتحويل الأموال ويجب الدول المتعهدة الالتزام والوفاء بذلك".
وأشار حنون لصحيفة "فلسطين"، إلى وجود فرق بين التعهدات وتحويل التبرعات مباشرة، لافتًا إلى أنها تحتاج إلى وقت وربما يطول، مؤكدًا ضرورة تراجع الوكالة عن إجراءاتها التقشفية التي اتخذتها نتيجة الأزمة المالية.
وكانت إدارة "أونروا" أنهت عمل نحو ألف موظف من المشغلين على بند "موظفي الطوارئ" في قطاع غزة بحجة نقص التمويل، كما قلصت الخدمات المُقدمة للاجئين الفلسطينيين.
ضربة قاسية
وقال حنون: "الأونروا تواجه أزمة وجودية تهدد ضمان استمرار خدمات لملايين اللاجئين، ونحن نتجاوز هذه الأزمة"، عادًا التبرعات التي أُعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة "كسر للقرار الأمريكي".
فيما عدّ هويدي، انخفاض العجز المالي لدى الأونروا "ضربة قاسية للإدارة الأمريكية وفشل ذريع لمحاولات فرض سياسات أمريكية إسرائيلية جديدة في المنطقة".
ورأى أن أزمة الأونروا تواجه معسكرين، الأول تقوده الولايات المتحدة و(إسرائيل) تنظران للوكالة الأممية إطالة لأمد الصراع، والآخر يمثله معظم دول العالم التي ترى في الوكالة حاجة أساسية وعنصر استقرار في المنطقة.
وبيّن هويدي، أن الجهود المبذولة لمجابهة الرؤية الأمريكية نجحت في رفع نسبة الوعي في كثير من الدول حول أهمية عملها، واقنعتها بأهمية وجودها للحفاظ على استقرار المنطقة.
تعريب الأونروا
وإذا ما كان التعنت الأمريكي يأتي في سياق مساعي إدارة دونالد ترامب لإخراج الأونروا من السياق الدولي إلى الإقليمي، يقول هويدي: "مسألة تعريب الأونروا ليست واضحة المعالم حتى اللحظة، والأموال المقدمة ناتجة عن التزام دولي من الاتحاد الأوروبي ودول إقليمية وأخرى عربية".
ويؤيده في ذلك، حنون، قائلًا: "من المبكر الحديث في تلك المسألة"، موضحًا أنه وحتى اللحظة لم تتحقق الوعود ولم يتم الإيفاء بعدد من التعهدات المالية الدولية.
وأضاف: "ننتظر المصادر الأخرى التي جرى التعويل عليها في خطة الوكالة"، لافتًا إلى أن اللجنة الاستشارية للأونروا ستعقد اجتماعًا الشهل المُقبل لبحث هذه القضايا.
وكانت "الأونروا" قد بدأت العام الحالي بعجز بلغ 446 مليون دولار. وكانت تقدم الولايات المتحدة نحو 350 مليون دولار سنويًّا للمنظمة، بشكل يفوق إسهام أي دولة أخرى، ويمثل هذا المبلغ أكثر من ربع الميزانية السنوية للمنظمة البالغة 1.2 مليار دولار.