بمجرد أن اعترض البعض على عدم ذكر الرئيس مسيرات العودة في خطابه هب المطبلون لانتقاد المسيرات انتقادا يصل حد التجريم والتحريم، رغم أن قيادة منظمة التحرير تعترف بمسيرات العودة، وقد ورد ذلك في نص الخطاب كما ذكرت في المقال السابق، وهنا أقول للمطبلين أو ما يعرفون عند أبناء شعبنا بـ "السحيجة": على رسلكم فأنتم مخطئون، كمن أخطأ وقال: "ليس لنا في مسيرات العودة لا ناقة ولا جمل" ثم عندما اكتشف أنه خالف أولياء نعمته عاد فذكرها بخير ولو على مضض.
المشكلة أنني لم أجد أي اعتراض رسمي ولا حتى على مستوى الناطقين الإعلاميين أو المطبلين على ما يحدث في مدينة روابي في الضفة الغربية، لا يعقل أن تقام الحفلات بحضور الآلاف، يغنون ويرقصون كأنه لا يوجد شهداء في غزة ولا جرائم احتلالية في الضفة الغربية، وقد تكون على بعد مئات الأمتار من مدينة روابي، وما فائدة إعلان الإضراب الشامل في أنحاء الضفة الغربية كافة؟ وما قيمة تجمهر العشرات أو حتى المئات نصرة للخان الأحمر إذا كان الآلاف يرقصون على جراح الوطن والقضية والشهداء؟
هناك استياء جماهيري عام في الضفة الغربية من حفلات روابي، استياء وسخرية، حتى قال بعضهم إن الإضراب لم يكن من أجل الاحتجاج على قانون القومية الإسرائيلي، بل من أجل منح المحتفلين يوم راحة للجهود التي بذلوها في حفلهم المشين ليلة الإضراب.
ما يحدث في روابي لا يمثل الضفة الغربية، هناك لا مكان للمظاهرات ضد المحتل الإسرائيلي، ولا طاقة لهم باستنشاق الغاز المسيل للدموع، دموعهم أو دموعهن فقط تنهمر لرؤية فنان عربي أو أجنبي، وللعلم فقط كل ما نراه فقط تقليد غبي ويبعث على الضحك أحيانا، ولا أريد أن أخوض في مدى التفاهة التي وصل إليها البعض، وأكتفي بالتذكير بأن القائمين على تلك الحفلات يعدونها نوعا من أنواع المقاومة بقولهم: نريد أن نثبت للعالم أن من حقنا أن نعيش ونفرح، وما علموا أنهم بأفعالهم يحسنون الوجه القبيح للمحتل الإسرائيلي، ويعملون على تدمير أخلاق المجتمع الفلسطيني، ولكن بحمد الله مجتمعنا لديه حصانة ضد تلك الأوبئة، وقادر على محاصرتها في مناطق ضيقة جدًا حتى زوالهم.