ينتظر المواطن محمد أبو زور (58 عامًا) منذ سبعة أشهر إجراء عمليته المؤجلة للغضروف الذي يعاني منه في الرقبة والظهر، بعد أن حدد له الأطباء موعدا جديدا في 11 ديسمبر/ كانون أول القادم وهو يخشى أن يتم تأجيلها نتيجة لظروف وواقع المستشفيات الصعب في قطاع غزة.
عملية أبو زور واحدة من بين نحو 12 ألف عملية مؤجلة في القطاع المحاصر والذي تعاني مستشفياته من نقص في المستهلكات الطبية وشح الأدوية ومخزن الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، إذ أصيب بثلاثة غضاريف بالعمود الفقري، واستطاع سابقاً إجراء عملية جراحية واحدة، وينتظر استكمال العمليات المتبقية لإزالة غضروفين.
ويقول أبو زور لصحيفة "فلسطين" إنه طوال المدة السابقة يتكئ على عكازه في السير، ولا يستطيع الوقوف كثيرا، ويصيبه الدوران.
محمد أبو دغيم (30 عاماً) من سكان دير البلح وسط القطاع، كان قد تعرض لحادث في طفولته، نتج عنه انحراف في الأنف. قدم قبل عامين طلب إجراء عملية جراحية، ومنذ تلك الفترة وهو ينتظر إجراء العملية التي حددها له الأطباء خلال الأسبوعالقادم.
لا يخفي أبو دغيم في حديثه مع صحيفة "فلسطين" أنه لم يستطع إجراء العملية في العيادات الخاصة فتكلفتها تبلغ 3500 شيكل، وهذا المبلغ لا يستطيع توفيره نتيجة ظروف عائلته المادية الصعبة.
لكن حال الشاب مهند الزعانين كان مختلفا عن سابقيه، فهو يعاني من انخفاض في عدد كرات الدم، تأجلت عمليته التي كانت مقررة في شهر يونيو/ حزيران الماضي، فقرر عدم اجرائها في مستشفيات القطاع نتيجة نقص المعدات وعن ذلك يقول "أسعى للسفر لإجراء العملية بأشعة الليزر، بدلا من العملية الجراحية خوفا من حدوث نزيف بالدم".
غادة نصار (17 عاماً) تعاني من مشكلة باللوز، تأجلت عمليتها الجراحية التي كانت مقررة في فبراير/ شباط الماضي إلى السابع من نوفمبر/ تشرين ثاني القادم، وعلى أحر من الجمر تنتظر مرور الوقت كي تنهي آلامها مع فصل الشتاء، الذي يمثل لها كابوسا تعاني خلاله من الأنفلونزا المستمرة ووجع الأُذنين.
تقول والدتها لصحيفة "فلسطين": إن ابنتها حاولت إجراء العملية عام 2016 لكنها تأجلت، وأن والدها متعطل عن العمل لا يستطيع توفير متطلبات البيت الأساسية، وكذلك لا يستطيع توفير ثمن إجراء العملية الجراحية البالغ نحو 800 شيكل بالعيادات الخاصة.
المشكلة والحل
من جانبه، أوضح مدير شؤون الأطباء بوزارة الصحة د. أحمد شتات، أن أعداد الجرحى الكبير في مسيرات العودة التي انطلقت في 30 مارس/ أذار الماضي، سببت ضغطًا كبيرًا على عمل المستشفيات والمنظومة الصحية وبالأخص أسّرة المبيت وغرف العلميات.
وقال شتات لصحيفة "فلسطين" أن وزارة الصحة اضطرت أمام هذا التحدي لترتيب الأوليات فقط، بتأجيل العمليات المجدولة على أنها غير طارئة، واستبدالها بالحالات الطارئة والأولوية كانت لجرحى مسيرة العودة.
وأوضح أن المستشفيات كانت تجري شهريا 3000- 3500 عملية جراحية مجدولة، لكن مع ضغط جرحى مسيرات العودة جرى تأجيلها، لافتا إلى أنه قبل ثلاثة أشهر حينما انخفضت أعداد الجرحى بدأ العمل بالعمليات المجدولة، لكن ضمن الممكن وفي المستشفيات التي لا تتعرض لعمليات وحالات طارئة.
وكشف شتات أن عدد العمليات المجدولة التي يتم تأجيلها بلغ 12 ألف عملية، بعضها بلغ على قوائم الانتظار 6 أشهر وعمليات أخرى تجاوز عاماً كاملاً من الانتظار.
وعن سبب تراكم العمليات المؤجلة، أوضح أنها نتيجة نقص الأسّرة خاصة في ظل أحداث مسيرة العودة، إذ لا يوجد متسع لمبيت المرضى لو تم إجراء عمليات مجدولة لهم، وعدم وجود كوادر كافية لتعمل على مدار الساعة، بالإضافة لنقص المستهلكات الطبية وهي من أكبر التحديات التي تواجه المستشفيات نتيجة قلة التوريد وقلة الدعم من الجهات المانحة.
أمام ذلك تلجأ المستشفيات، وفق شتات، إلى سياسة ترشيد استخدام المستهلكات، مبينا أن العمليات تحتاج إلى مستهلكات كخيوط جراحية، ومحاليل، ومستهلكات بلاستيكية، والتي تعاني من نقص شديد، بالإضافة للنقص في الأدوية.
ونبه إلى أنه لدى وزارة الصحة خططاً لإجراء تلك العمليات بالمستشفيات الخاصة، لافتا إلى أن بعض المستشفيات الخاصة قامت بإجراء عمليات مجدولة خلال الفترة الماضية للتخفيف عن كاهل الوزارة.
واستعرض شتات مشكلة نقص الأسرّة، مبينا أن عدد الأسرّة في مستشفيات القطاع يبلغ 1711 سريرا، يضاف عليها 500 سرير للرعاية النهارية، رغم أن المستشفيات بحاجة لعدد أكبر وكوادر طبية وغرف عمليات أكثر لحل المشكلة، فضلا عن توفير المستهلكات الطبية.

