من خلال متابعتي لردود الفعل على خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة لاحظت أن المتابعين في غزة استحوذت عليهم عدة أشياء من بينها عدم ذكر مسيرات العودة الكبرى في الخطاب وكذلك تكرار "لن" ثلاث مرات بخصوص تحمل المسؤولية في غزة.
أنا شخصيًّا لم أكتفِ بسماع الخطاب بل عدت لنص الخطاب الأصلي وكما قرره أصحابه ووزع على المعنيين في اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة. حيث تبين لي أن أشياء ذكرت بارتجالية وأشياء لم تذكر، سواء بشكل متعمد أو دون قصد ولكنها مكتوبة وتعبر عمّا تم الاتفاق عليه بين قيادة فتح وباقي المشاركين في صياغة الخطاب.
إحدى فقرات الخطاب تقول: "إننا نقاوم هذا الاحتلال الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي بالوسائل المشروعة التي أقرتها منظمتكم الدولية، وعلى رأسها المقاومة الشعبية السلمية، كما يجري اليوم في مسيرات العودة وفي مناطق أخرى من أرضنا المحتلة كمنطقة الخان الأحمر"، ولكن السيد الرئيس وقف عند "المقاومة الشعبية السلمية" وأكمل بشكل ارتجالي ثم عاد ليبدأ فقرة جديدة دون ذكر مسيرات العودة الكبرى، وهذا يعني أن مسيرات العودة معترف بها حتى من جانب منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن لماذا تم إغفالها في قراءة الخطاب؟ فهذا أمر آخر.
في فقرة أخرى يقول الرئيس: كذلك اتفقنا بيننا وبين حماس، نحن التزمنا ولكنهم لم يلتزموا، فلذلك؛ لن ولن ولن نتحمل أي مسؤولية من الآن فصاعدًا إذا أصروا على عدم الالتزام. واضح أن هذه عبارات غير واضحة طالما من الآن فصاعدًا مربوطة بـ"إذا أصروا" على عدم الالتزام، ولكن لو عدنا للنص الأصلي لوجدنا ما يلي: وهناك اتفاقات مع حركة حماس، فإما أن تنفذها بالكامل، أو نكون خارج أية اتفاقات أو إجراءات تتم بعيدًا عنا، ولن نتحمل أية مسؤولية.
في تقديري أن شيئًا لم يختلف بعد الخطاب عما كان قبله، وأعتقد أن الفرصة ما زالت سانحة لإنجاز اتفاق المصالحة ومواصلة حوار القاهرة، وإن حصل وفرضت على غزة إجراءات جديدة فإنها لن تطول، لأن المنطقة كلها ستصبح مهددة وهذا ما تخشاه "إسرائيل" وما لا تقبل به مصر.