فلسطين أون لاين

عباس إذ يتحدث "مستسلماً" أمام (إسرائيل)!

...
غزة - نبيل سنونو

"مستسلما"، وقف رئيس السلطة محمود عباس أمام الولايات المتحدة و(إسرائيل) اللتين تسعيان لشطب قضايا القدس واللاجئين الفلسطينيين وسط انتشار سرطان الاستيطان في الضفة الغربية، مؤكدا لهما أنه سيواصل مد يده لما أسماه "السلام" بعد ربع قرن من فشل اتفاق "أوسلو"، لكنه كشّر عن أنيابه تجاه قطاع غزة، بحسب مراقبين.

وكرر عباس رفضه المقاومة المسلحة التي وصفها ضمنًا بـ"الإرهاب"؛ على حد قوله، في تساوق مع مزاعم الاحتلال، وفي رسالة مبطنة، عدا عن رسائله العلنية، لطمأنة الأخير بأنه سيواصل التنسيق الأمني، الذي يصب في حفظ أمنه.

أما القطاع المحاصَر منذ 12 سنة، الذي يفرض عليه عباس إجراءات عقابية تمس الكهرباء والصحة وأقوات المواطنين، فما كان من رئيس السلطة إلا التهديد والوعيد، قائلا: "لن ولن ولن نتحمل أي مسؤولية من الآن فصاعدا" وهو الذي أقرت حكومته برئاسة رامي الحمد الله، ما أكد مراقبون أنها "ميزانية انفصال"، إذ تحدثت عن أنه "تم إعداد موازنة الأساس مع الأخذ بعين الاعتبار بقاء الوضع الحالي القائم في قطاع غزة"، وأنه "تم إعداد موازنة موحدة في حال تحقيق المصالحة."

وعباس هو الذي قابل اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة بأكتوبر/ تشرين الأول 2017، باستمرار فرض الإجراءات العقابية على قطاع غزة، ورد على تفاهمات بيروت في يناير/ كانون الثاني 2017 حول المجلس الوطني، بعقده منفرداً في رام الله بالضفة الغربية المحتلة نهاية أبريل/ نيسان الماضي.

ويقول أستاذ العلوم السياسية د. عبد الستار قاسم: إن عباس لم يهدد (إسرائيل) ولا الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه عندما تحدث عن غزة قال إنه "سيكون لنا شأن آخر"، وهذه صيغة تهديد.

ويضيف قاسم أن عباس أيضًا هدد حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي لم تستطع (إسرائيل) هزيمتها.

ويوضح أن عباس يهدد باتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة، مبينا أنه قد يحرض (إسرائيل) على المزيد من الضغط على القطاع.

ويقول قاسم: "القطاع يجب أن يصمد، لأن روح الشعب الفلسطيني معلقة به".

ويوضح قاسم أن عباس لا يعد اتفاق أوسلو منتهيا، بعكس (إسرائيل) التي بات بالنسبة لها "جثة".

ويضيف أن رئيس السلطة لا يزال ينفذ الاتفاق، مقللا من شأن تلويحه بعدم الالتزام به طالما لم تلتزم به (إسرائيل)، إذ قال: إن الدفاع عن أمن الاحتلال الإسرائيلي "هو مبرر وجود السلطة" في الضفة الغربية.

ويلفت إلى أن عباس عد المقاومة "إرهابا"، وهو يصف بذلك كل تضحيات الشعب الفلسطيني.

ويؤكد أن عباس ماض في نهجه ولا يأبه بالشعب الفلسطيني نهائيا، بل "يستهتر" به.

كلام إنشائي

من جهته، يقول المحلل السياسي مصطفى الصواف: خطاب عباس هو نوع من الكلام الإنشائي والاستجداء للاحتلال الإسرائيلي، متضمنا الإقرار بأنه لا يريد أن يمارس أي مقاومة.

ويشير الصواف في حديث مع صحيفة "فلسطين"، إلى فشل مسار عباس منذ ربع قرن، مبينا أن الشعب الفلسطيني لم يتفاجأ بمضامين خطاب رئيس السلطة، في الوقت الذي حاول فيه قادة حركة فتح تهويل خطابه.

ويتابع الصواف: "ما حمله عباس ربما شيء وحيد وهو تهديد قطاع غزة"، مبينا أن الأخير أبدى في المقابل الاستعداد للتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن يأخذ بكلامه.

ونبه إلى أن عباس لا يملك أي أوراق ضغط، ولو كان يريد أن يظهر عناصر القوة لهدد بوقف الاعتراف بـ(إسرائيل) وإنهاء التنسيق الأمني، لكنه يتحدث من منطلق الضعيف الذي لا يملك أي أدوات قوة.

وطالب الصواف الفصائل الفلسطينية "بسحب البساط من تحت عباس" والدعوة إلى الانتخابات وغير ذلك من خطوات، متمما: "القوى والفصائل أمام تحدٍّ إذا لم تنجح فيه الآن فلن تنجح فيه بعد ذلك".