فلسطين أون لاين

​ماذا بعد الخِطاب؟!

يتساءل الشارع الغزي: إلى متى سيبقى رئيس السلطة محمود عباس بفرض علينا العقوبات؟! وكيف سيخرج على العالم ويمثلنا أمامه وهو من يفرض الحصار على أبناء شعبه؟! وإن فُرضت العقوبات الجديدة سنبقى في حال نرثى لها، تكون الأشد مأسوية على مدار السنوات السابقة.

إجراءات عقابية فرضها عباس على شعبه في قطاع غزة المحاصر أيضا من الاحتلال الإسرائيلي منذُ اثني عشر عامًا، ليخرج ظلامٌ جديد على الغزيين يزيد معاناتهم في كل لحظة يتنفسون الهواء داخل السجن الكبير، في حالة مأساوية هي الأولى من نوعها يعيش فيها أبناء القطاع، نتيجة العقوبات التي فرضها الرئيس على شعبه قبل سنة ونصف.

عُقوبات سارت بأبناء غزة إلى الموت البطيء، شملت خصم السلطة الفلسطينية 30% -50% من رواتب موظفيها في القطاع البالغ عددهم 62 ألف موظف: 36 ألف موظف عسكري، و26 ألف موظف مدني، وإحالة قرابة 14 ألف موظف مدني وعسكري إلى التقاعد القسري، وتقليص 50 ميجا وات من أصل 120 ميجا وات من الكهرباء التي يزود بها القطاع عبر الخطوط الكهربائية التي يسيطر عليها الاحتلال، ووقف التحويلات الطبية التي لا يتوافر لها العلاج داخل قطاع غزة إلى مشافي مصر والضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة والأردن (وهو ما ترتب عليه عدة حالات وفاة وتدهور بالغ في صحة الآلاف)، وحظر تحويل الأموال على مستوى الأفراد عبر البنوك، وتجميد سلطة النقد التحويلات المالية للمؤسسات والجمعيات الخيرية، وفرض ضرائب القيمة المضافة على السلع، وضريبة "البلو" على وقود محطة تشغيل الكهرباء ليصل سعره إلى قرابة 5.5 شيكل للتر، وتقنين الموازنات التشغيلية للمرافق الحكومية، وأهمها المستشفيات، ما أدى إلى نقص حاد بالأدوية والمستلزمات الطبية، والتأثير المباشر على أقسام الطوارئ بمستشفيات القطاع، وقطعت السلطة رواتب الأسرى والمحررين، ومخصصات أهالي الشهداء، ومخصصات أعضاء المجلس التشريعي، وحجبت المساعدات عن المئات من الأسر المتدنية الدخل المسجلة في برامج المساعدات عبر الشؤون الاجتماعية.

وكانت نتيجة الإجراءات العقابية: 53.7% نسبة البطالة في قطاع غزة خلال الربع الثاني من عام 2018م، و283 ألف شخص عاطل عن العمل خلال الربع الثاني من عام 2018م، و73% نسبة البطالة بين الخريجين في الفئة العمرية من 20-29 سنة، و53% معدل الفقر في قطاع غزة، و33% معدلات الفقر المدقع في قطاع غزة، و72% نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في قطاع غزة، و95% من مياه الشرب غير صالحة، و47 مليون دولار نسبة الشيكات المرتجعة خلال النصف الأول من عام 2018م.

وبحسب ما ذكر تقرير للبنك الدولي فإن الاقتصاد في قطاع غزة آخذ في الانهيار تحت وطأة حصار مستمر منذ عشر سنوات، وشح السيولة في المدة الأخيرة، وذلك على نحو لم تعد معه تدفقات المعونة كافية لحفز النمو.

إجراءات عقابية فُرضت على القطاع وسيلة ضغط على حركة حماس، لحل اللجنة الإدارية في القطاع بعد تشكيلها في شهر مارس 2017م لإدارة شؤونه، وتذليل كل المهام الإدارية والمالية والسياسية للقطاع، بسبب تخلي حكومة التوافق الوطني عن القيام بمسؤولياتها ومهامها الموكلة إليها تجاه قطاع غزة، وبعد تشكيل اللجنة قالت حماس في بيان لها: "أعضاء اللجنة الإدارية ليسوا وزراء ولا مجلس وزراء ولا بديلًا عن الحكومة التوافق، وإنما هي حالة اضطرارية مؤقتة للتنسيق بين الوزارات بغزة في ظل غياب حكومة التوافق، وفور قيامها بمهماتها لا حاجة لهذه اللجنة"، وحلت اللجنة الإدارية بعد تشكيلها بستة أشهر، ودعيت حكومة التوافق للقدوم إلى قطاع غزة لممارسة مهامها، في خطوة جاءت سباقة نحو للمصالحة الفلسطينية.

وتحلق السحابة السوداء فوق القطاع من جديد، ويعيش أهله في حالة من القلق والترقب، بعد تهديد مسؤولي السلطة الغزيين بفرض مزيد من العقوبات، فور عودة الرئيس محمود عباس بعد إلقاء خطابه أمام الأمم المتحدة في نيويورك.

فجاء رد حماس بعد إصدار التهديد على لسان القيادي في الحركة خليل الحية: "إن أي عقوبات جديدة ستُفرض على غزة ستقابلها إجراءات فصائلية وشعبية".

فهل عباس سيحكم على شعبه بالموت البطيء بعد عودته من نيويورك؟!