فلسطين أون لاين

​عباس في الأمم المتحدة.. سنوات من التيه السياسي

...
صورة أرشيفية
غزة/ نبيل سنونو:

"جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان.. تساقط الفرسان عن سروجهم.. وأعلنت دويلة الخصيان.."؛ فكيف إذا علم الشاعر الراحل نزار قباني، كاتب هذه الكلمات، أن كبير القائمين على السلطة في رام الله، الثمانيني محمود عباس، تجاوز ذلك بكثير، فلم ينجح بإقامة لا دولة ولا حتى دويلة، مُقرًّا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، بأنه "لم يعد هناك مكان لدولة فلسطين".

عباس الذي يوصف بأنه مهندس اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993، يواصل نسج الكلمات والمناشدات في "سنوات التيه" السياسي الطويلة أمام الأمم المتحدة، معترفا بأنه لم يتحقق تقدم في مساره إلا تقدم الاستيطان في عمق الضفة الغربية.

وأقر رئيس السلطة في خطابه أمام الأمم المتحدة في 2015، بأنه "منذ خطاب الرئيس أوباما في القاهرة عام 2009، والذي دعا فيه إلى وقف الاستيطان، زادت حكومة الاحتلال الاستيطان في الضفة والقدس بنسبة 20%".

وبدا عباس حينها "كوسيط" يتحدث في قضية دولة أخرى، قائلا: "نصت اتفاقية أوسلو الانتقالية ومرفقاتها، والاتفاقيات اللاحقة والموقعة مع (إسرائيل)، على أن يتم تنفيذها خلال خمس سنوات، تنتهي في العام 1999 بالاستقلال التام لدولة فلسطين، وزوال الاحتلال الإسرائيلي عنها، إلا أن (إسرائيل)، قد توقفت عن استكمال عملية انسحاب قواتها".

وأعاد في خطابه في 2016 الإقرار بأن (إسرائيل) "تنكرت للاتفاقات التي وقعت عليها، ولازالت تمعن في احتلالها، وتوسع نشاطها الاستيطاني".

وكرر فيه كلاما قديما: "لقد كان من المفترض أن يؤدي اتفاق أوسلو في العام 1993، إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق استقلال دولة فلسطين، خلال خمس سنوات، إلا أن (إسرائيل) تنكرت للاتفاقات التي وقعت عليها".

2017 شهد أيضًا خطابا في نيويورك قال فيه: "واصلت الحكومة الإسرائيلية بناء المستوطنات على أرض دولتنا المحتلة، منتهكة المواثيق والقرارات الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية".

واعترف آنذاك مجددا بأن مسيرة التسوية التي سلكها منذ ربع قرن لم تفض إلا إلى سراب: "24 عاما مضت على توقيع اتفاق أوسلو الانتقالي الذي حدد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بعد خمس سنوات، ومنح الفلسطينيين الأمل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتحقيق (التسوية).. أين نحن اليوم من هذا الأمل؟".

لكن كيف يرد عباس على كل هذه الجرائم الاحتلالية؟

تتلخص الإجابة عن هذا السؤال بمقولات شهيرة رددها في مناسبات عدة منها "أنا ضد المقاومة.. أنا علنا بحكي، أنا ضد المقاومة علنا"، " "نحن نشتغل عند الاحتلال"، "أنا عايش تحت البساطير الإسرائيلية"، "التنسيق الأمني مقدس".

كما أنه رد على تفاهمات بيروت في يناير/ كانون الثاني 2017 حول المجلس الوطني، بعقده منفردا في رام الله بالضفة الغربية المحتلة نهاية أبريل/ نيسان الماضي، بينما قابل اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة بأكتوبر/ تشرين الأول 2017، باستمرار فرض الإجراءات العقابية على قطاع غزة.

والتقى عباس الشهر الجاري بأعضاء ما تسمى حركة "السلام الآن" الإسرائيلية، في مكتبه برام الله، ونقل موقع "قضايا مركزية" العبري، عنه أنه يعقد لقاءات مع رئيس الشاباك "نداف أرغمان" لغايات التنسيق الأمني.

ولم ينفذ عباس، حتى قرار المجلس المركزي في مارس/ آذار 2015، "وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين".

"صورة بائسة"

ويتحضر عباس لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة غدًا، لكن الأمين العام للمجلس التشريعي د. نافذ المدهون: يقول إن رئيس السلطة "لن يأتي بجديد"، مفسرا بأنه منذ "أوسلو" حتى الآن لم يتغير خطابه الإعلامي، وأن لديه "ارتباطا بالاحتلال"، وفق قوله.

ويضيف المدهون لصحيفة "فلسطين"، أنه لو كان عباس يمتلك رؤية لتغيير في الخطاب أمام الأمم المتحدة لرفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة وحقق المصالحة والوحدة الوطنية، أما "إصراره على عدم تحقيق المصالحة وإبقاؤه العقوبات على قطاع غزة يعني أن خطابه سيكون أسوأ من خطاباته السابقة بل سيكون كارثيا على القضية الفلسطينية".

ولا يعتقد المدهون، الخبير القانوني، أن يحمل خطاب عباس "أي فائدة" للشعب الفلسطيني، قائلا: إنه "يقدم صورة بائسة للفلسطيني".

ويتابع: "شرعيتنا واضحة وهي استمرارنا في مسيرة العودة"، مبينا أن الخطاب أمام المتحدة يجب أن يأتي من الأطفال الذين واجهوا الاحتلال.

ويقول المدهون: لو كانت هناك "قيادة سليمة" للسلطة لأخذت هذه المشاهد لمسيرات العودة وعرضت فيلما وثائقيا أمام العالم لفضح جرائم الاحتلال.

واتهم المدهون، عباس بأنه "شريك في كثير" من جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، لافتا إلى التنسيق الأمني بين الجانبين، الذي وصفه بأنه "أكبر جريمة ضد الشعب"، كما اتهم رئيس السلطة بمنع إدخال الغذاء والأدوية للقطاع عادا ذلك "جريمة إبادة جماعية".

ورأى أن عباس يرفض تحقيق الوحدة والشراكة السياسية، "وبالتالي كل ما يعلن عنه عباس غدا سيكون في إطار ما يخدم أجندته وحلفاءه من بعض رجالات منظمة التحرير وبالتحديد من بعض رجالات حركة فتح أو الجزء الباقي من فتح"؛ على حد قوله.