حذّر مختصان فلسطينيان في شؤون الاستيطان، من مخططات إسرائيلية لمضاعفة مساحة مستوطنة أرييل ومضاعفة عدد مستوطنيها، الأمر الذي يعني قطع التواصل بين المدن الفلسطينية في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية وتحويلها إلى كانتونات معزولة.
وكان ايلي شافيرو رئيس بلدية مستوطنة أرييل المقامة جنوبي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة كشف النقاب لصحيفة "هآرتس" العبرية مؤخرًا، عن مخطط لتحويلها إلى "مدينة إسرائيلية رئيسية"، من خلال زيادة عدد مستوطنيها لعشرات الآلاف، وزيادة عدد مصانعها، بحيث تنافس المدن الفلسطينية سياسيًا واقتصاديًا.
وقال: إن مستوطنة "أرييل والتي يستوطنها نحو 20 ألف مستوطن، تعيش حاليا طفرة بناء استيطاني لم يسبق لها مثيل، ويمكن ملاحظة علامات ذلك في كل مكان.
فعلى الجانب الشرقي من المستوطنة، يجري بناء مستشفى جديد مكتمل بمدرسته الطبية الخاصة، وبات في المراحل النهائية.
وعلى الجانب الآخر، بدأ مركز تسوق جديد في الظهور، وعلى تلة تطل على المركز السكاني الرئيس، يجري العمل في بناء حي استيطاني جديد سيضم 839 وحدة استيطانية، وهو أكبر مشروع من نوعه منذ سنوات عديدة. وعلى بعد عدة كيلومترات إلى الغرب في منطقة أرييل الصناعية يجري تشييد مصانع جديدة.
وكشف شافيرو عن الخطط المستقبلية للمستوطنة، بالقول: "في غضون 15 عامًا من الآن، ستكون أرييل مدينة بها 100 ألف مستوطن، كما سيزداد عدد المصانع فيها بثلاثة أضعاف (45 حاليًّا) ، وجامعة ضخمة بها كلية طبية، وستكون وجهة لكل الإسرائيليين وخاصة العائلات الشابة التي تبحث عن تعليم جيد، وفرص عمل وجودة حياة".
مدينة مصغرة
ويقول الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان سهيل خليلية: "إن مستوطنة أرييل ليست مستوطنة عادية، بل هي في الوقت الحالي مدينة مصغرة تضم مساحة شاسعة من الأراضي تبلغ مساحتها ما بين 40 إلى 50 كم مربع".
وأضاف خليلية لـ"فلسطين"، أن أرييل تضم حاليًّا منشآت كتلك الموجودة في المدن الكبرى، ففيها مناطق صناعية وتجارية وشبكة طرق حديثة خاصة بها وجامعة ومستشفى تخصصي لاستيعاب عشرات الآلاف من المستوطنين لتصبح أكبر مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
30 حيًّا
وكشف خليلية النقاب عن وجود 30 مخطط لإنشاء أحياء سكنية في المستوطنة وفي محيطها، لمضاعفة عدد المستوطنين وهذا يعني "أننا سنشهد تحركات أكثر في المستقبل لصالح تكبير المستوطنة وتطويرها وصولا إلى مخطط غير مسبوق لبناء جدار فصل عنصري حول المستوطنة وصولا إلى مستوطنة كارني شومرون شرقي قلقيلية".
وسيكون أول أهداف المخطط كما يرى خليلية "محو الخط الأخضر في شمال الضفة الغربية، وخلق خط عرض فاصل يربط أرييل باتجاه الشرق نحو الأغوار، وهذا يعني خلق خط عازل يفصل شمال الضفة الغربية إلى قسمين، أحدهم يضم نابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية والآخر يضم سلفيت ورام الله، وفصل شمال الضفة عن وسطها وجنوبها".
وحذر من أن ذلك سيكون له تداعيات كبيرة على الضفة الغربية.
ورأى الخبير الفلسطيني في شؤون الاستيطان أن ما يجري في شمال الضفة مشابه لما يجري في جنوب الضفة الغربية وتحديدًا في منطقة الخان الأحمر، من تقسيم للضفة إلى مناطق معزولة وغير مرتبطة إلا بمناطق ومساحات يسيطر عليها الاحتلال، وهذا ما يخطط له الاحتلال من خلال تكبير مستوطنة أرييل، لتحويل الضفة إلى مناطق معزولة ودويلات منفصلة عن بعضها البعض، مع حكم ذاتي مستقل في كل منطقة، ويحظى كل منها باستقلاله.
20 منطقة صناعية
وكشف خليلية عن وجود 20 منطقة صناعية استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، مشيرًا إلى أن المنطقة الصناعية في مستوطنة أرييل تعد من أكبر هذه المناطق، منبهًا إلى أن هناك مخططًا لإقامة منطقة صناعية ثانية في مستوطنة ارييل ومحيطها تعتبر تكميلية لإقامة مصانع جديدة.
وأضاف أن الحديث لا يجري عن مستوطنة نائية، بل عن مستوطنة تقع في قلب المشروع الاستيطاني، ولذلك فإن المخطط يجري لتطوير وتوسيع المستوطنة ضمن جزء من مخطط استراتيجي استيطاني يهدف في الأساس إلى منع قيام دولة فلسطينية، وتثبيت السيطرة على الموارد الطبيعية.
وتعد ارييل من بين أوائل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وأقيمت قبل 40 عامًا، وترسخ وجودها بعد أن تولى حزب الليكود اليميني السلطة في (إسرائيل).
وفي النسخة الإنجليزية لموقع بلدية المستوطنة على شبكة الإنترنت، تصف البلدية موقعها الجغرافي بأنه "قلب إسرائيل"، أما النسخة العبرية فتذهب إلى خطوة أبعد ، باستخدام مصطلح "قلب دولة إسرائيل".
ويقول شبتاي بندت، وهو أحد الناشطين المناهضين للاحتلال في أراضي الـ67، ورئيس فريق مراقبة السلام في منظمة "السلام الآن": "إن موقع إقامة مستوطنة ارييل، كان هدفه فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وهذا يجعل إقامة أي دولة فلسطينية مستقبلية غير قابلة للتطبيق".
سرقة أراضٍ جديدة
بدوره، يقول مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس: إن قيام الاحتلال بتوسيع مستوطنة أرييل، يعني مصادر مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين في محافظة سلفيت، وتثبيت السيطرة على أكبر حوض مائي في فلسطين.
وأضاف دغلس لـ"فلسطين" أن سلطات الاحتلال تتعامل مع مستوطنة ارييل وكأنها مدينة إسرائيلية داخل أراضي الـ48.
وأشار إلى أن هذا المخطط سيؤدي إلى تمزيق القرى الفلسطينية في المنطقة وإحكام السيطرة عليها، وأحد أهم أهداف مخطط توسيع ارييل هو منع توسيع المخططات الهيكلية للقرى والمدن الفلسطينية في المنطقة.
وأشار إلى وجود 5 تجمعات استيطانية كبيرة في الضفة الغربية المحتلة، ويضم كل تجمع ما بين 25 إلى 30 مستوطنة، لافتا إلى أن هذه التجمعات تتركز في منطقة الخليل وغوش عتصيون في بيت لحم وفي نابلس وسلفيت وقلقيلية.
وأوضح أن هذه التجمعات أقيمت بطريقة مخططة ومدروسة من قبل الاحتلال بهدف القضاء على حلم الدولة الفلسطينية بالكامل.

