زعمت مصادر عبرية أن الأمريكان اتخذوا خطوة غير عادية، وبدؤوا بعقد لقاءات بين محافل فلسطينية، تعارض الرئيس أبو مازن، مع مندوبين من الدول العربية، وفي تقرير منفصل لموقع خليجي ذكر أنه جرت لقاءات تحت ستار من السرية في محاولة لدفع تسوية بين "إسرائيل" وحماس في قطاع غزة، وبهدف الترويج لأفكار الإدارة الأمريكية حول المسيرة السلمية بين رام الله والمحتل الإسرائيلي.
قبل كل شيء لا بد أن نقرأ ما يحدث في غزة على أرض الواقع وما يجري خلف الكواليس قراءة متأنية ودقيقة لنخرج بنتائج أقرب إلى الحقيقة، ففي غزة تقود المقاومة معركة فك الحصار وحماية الثوابت، ولأن العدو وقف عاجزًا أمام الأسلوب الجديد الذي تستخدمه المقاومة وهو مسيرات العودة الكبرى السلمية بدأ بالبحث عن الخلاص بهدنة وخاصة أنه لم يعد قادرًا على حسم معاركه بقوة الصواريخ والقنابل الفوسفورية فضلًا عن خشيته من تكاليف الاجتياح البري، فكل ما ذكرناه تم تجربته وفشل فشلًا ذريعًا.
الهدنة مقابل رفع الحصار نسمع بها ولكننا لم نرَ شيئًا حتى الآن على أرض الواقع ولكن من خلال المتابعة وما يصدر من تصريحات من كل الأطراف نفهم أن فكرة الهدنة لا تنطلق من منطلق إنساني ولو كانت كذلك لما استمر الحصار والإبادة في غزة كل هذه السنوات، كما أنها لا تحمل أبعادا سياسية للعدو دخل بها، فاتفاق الهدنة المنتظر أشبه بصفقة وفاء الأحرار؛ وذلك بإجبار العدو على دفع استحقاقات معينة بالضغط، وبغض النظر عن ماهية الأسلوب المستخدم.
لو كانت الهدنة تحمل أبعادا سياسية وتشترك فيها دولة الاحتلال وأمريكا وأطراف عربية أخرى لما كان هناك أي خشية لدى حماس من الإجراءات التي تهدد باتخاذها السلطة، فالأموال ستكون مضمونة وأضعاف ما تقدمه السلطة لغزة.
أما الحديث عن تجاوز الإدارة الأمريكية ودولة الاحتلال "إسرائيل" للسلطة ومحاولة التفاهم مع حركة حماس أو جهات أخرى داخل المجتمع الفلسطيني فهذه مجرد أوهام وخزعبلات، وقد حذرنا سابقًا من اللقاءات التي كانت تتم بين فئات من المجتمع الفلسطيني والعدو الإسرائيلي وقلنا إنه يبحث عن بديل ونحن نرفض ذلك، أما التفاهم مع حركة حماس فهو مستحيل لأن سقف حماس أعلى بكثير مما تفكر به أمريكا، ولأن حماس لا تعمل منفردة حين يتعلق الأمر بمصير الشعب الفلسطيني، فالخلاف مع فتح على الوحدة لا يعطي حماس الحق في تجاوزها ولا تجاوز أي من الفصائل الفلسطينية، وإن هي فعلت ذلك -ولن تفعلها- تكون قد أنهت مسيرتها بنفسها.
ومن الأكاذيب التي يستخدمها العدو الإسرائيلي في معركته مع السلطة هو الادعاء بأن حماس ستسيطر على الضفة الغربية إذا ما غاب الرئيس لأي سبب من الأسباب، وأنا محلل وأرى أن هذه الادعاءات واضح زيفها، يستخدمها العدو لتعزيز الانقسام الداخلي، فمرة يقول إنه سيتفاهم مع حماس ومرة يقول إن حماس ستسيطر على الضفة، وهذه أمور صبيانية لا يصدقها إلا مغفل.