لا يتوافق تشدق (إسرائيل) بأنها دولة ديمقراطية، مع إجراءاتها وانتهاكاتها المتصاعدة بحق فلسطينيي الداخل المحتل، فهي حقيقة "دولة قمعية عنصرية".
فالنقب المحتل، يوجد به 45 قرية مهددة بالهدم تمتد على مساحة 250 ألف دونم، هي ما تبقى من 720 ألف دونم تم تخصيصها لقرى النقب "حسب التسوية" التي تمت بين الاحتلال وأهل النقب في سبعينيات القرن الماضي، من أصل 13 مليون دونم هي أرض النقب، كي يقوموا بتطويرها والتوسع عليها بأنفسهم.
وعكفت حكومات الاحتلال المتعاقبة منذ ثمانينيات القرن الماضي على سلخ 470 ألف دونم من أصحاب الأرض، لتسكنهم في مدينة تضم كافة التجمعات لم تبنها بعد بمساحة 17 ألف دونم.
مدير المركز العربي لدراسات القدس والمجتمع الإسرائيلي "ديار" صالح لطفي قال: "إن سياسات المسكن والمعيشة مع الدولة العبرية مرت بمرحلتين، المرحلة الأولى كانت مرحلة النكبة التي فقد الفلسطينيون فيها (576 قرية)، والثانية ما يسمى قانون مصادرة الأراضي وغيره".
وأضاف لطفي لصحيفة "فلسطين": "أن فلسطينيي الداخل يملكون حاليا 2.7% من الداخل الفلسطيني المحتل، من مساحة إجمالية تصل إلى 22 مليون دونم وهي كافة أراضي الداخل".
واعتمد الاحتلال، حسب لطفي، في مصادرته للأراضي سلسلة من القوانين، موضحا أن (إسرائيل) سنت ما بين عامي (1949 – 1966م ) 17 قانونا صادرت وسرقت من خلالها الأرض الفلسطينية.
وبين أن أبرز تلك القوانين "قانون أملاك الغائب" الذي يدعي أن كل شخص غاب عن أرضه ما بين عامي (1949-1952 ) تصبح هذه الأرض مصادرة، وقد صودرت على إثر ذلك أراضي من هجروا للضفة أو لقطاع غزة أو لمناطق أخرى بالداخل الفلسطيني ولمن غادر خارج فلسطين، بحجة أنه أصبح غائبا".
وذكر أن هناك قانونا خاصا لسكان الداخل يدعى قانون "الحاضر الغائب"، لمصادرة الأراضي، إضافة إلى قانون "المنفعة العامة/ أن تصادر (إسرائيل) الأراضي بحجة أنها لصالح المجتمع العام"، إضافة إلى "قانون أراضي البور/ كل شخص غاب عن أرضه وتركها تصبح حقا للاحتلال، وتسجل على مدار ثلاث سنوات أنه لم يدخل أرضه".
ولفت إلى "قانون التطوير العام/ مصادرة أي أرض يمكن الاستفادة منها بحجة تطوير السكان المحليين".
وتابع: "هناك زيادة سكانية منذ عام (1949م) بعد أن كان أعداد الفلسطينيين حينها 170 ألف نسمة، واليوم أعدادهم وصلت لمليون و350 ألف نسمة".
وأشار لطفي إلى أن سلطات الاحتلال تقسم الأراضي إلى أراض معدة للبناء وموافق عليها من قبل الوزارات الإسرائيلية المختصة، وأراض معدة للبناء ولم يوافق عليها، وأراض غير موافق عليها للبناء مطلقا.
ويشير إلى أن هناك 60 ألف بيت مهددة بالمهدم، تعهد رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في شهر يناير/ كانون ثاني 2016م بهدمها بزعم أنها غير مرخصة.
وبحسب مدير المركز العربي لدراسات القدس والمجتمع الإسرائيلي، فإن سلطات الاحتلال هدمت بالنقب 220 بيتا في عام 2016م من المآوى المبنية من الحجر أو الصفيح، فيما هدمت بمنطقة الجليل والمثلث 47 منزلا، مشيرا إلى أن إجمالي البيوت المهدمة منذ عام 2000 حتى 2016م 1120 منزلا.
ونوه إلى أن هناك 45 قرية مهددة بالهدم والتهجير والترحيل حيث التعداد السكاني 60 ألف نسمة، من أصل عدد 120-140 ألف نسمة إجمالي سكان النقب، لا تعترف بها (إسرائيل).
ويهدف الاحتلال لإنشاء مدينة تضم كافة سكان النقب الذين سيتم تهجيرهم وهو ما يرفضه أهل النقب، مبينا أن قسما منهم يملك طابو بريطانيا وتركي على الأرض، وقسم لا يملك لكن المتعارف عليه بين العشائر أنه من القرن السادس عشر والسابع عشر للميلاد وتلك العشائر تسكن هذه الأراضي، غير أنه ذكر أن تلك القرى لا يوجد بها أي نوع من الخدمات من قبل الاحتلال، والخدمات تقدمها لجنة خاصة شكلها أهل النقب لدعم هذه العائلات.
وأكد لطفي، أن الداخل المحتل يتعرض لحملة شرسة من اليمين الإسرائيلي، لطرد من تبقى من الفلسطينيين، والعمل على تفكيك المجتمع العربي من خلال ثلاثة معاول هدم الأول: التطبيع مع الكيان، والثاني التجنيد، والثالث نشر المخدرات والفواحش ونشر الجريمة بشقيها المنظم والفوضوي، إضافة إلى حوادث العنف في الداخل المحتل.
4 قوانين
كما أكد مدير المركز العربي لدراسات القدس والمجتمع الإسرائيلي "ديار"، أن الاحتلال يسعى لتدمير البنية الاجتماعية والنفسية والثقافية والأخلاقية للمجتمع الفلسطيني، عبر تفشي البطالة، والتي تجاوزت 22%، وأن أحد أسباب الفقر عدم توفر العمل، لأن (إسرائيل) بدأت تستورد عمالا من الصين وتايلاند والفلبين وعمدت على طرد العمال الفلسطينيين.
وذكر أن حكومة الاحتلال سنت ما بين عامي (2014- 2016 ) 82 قانونا تتعلق بالقدس والضفة، منها 23 قانونا تتعلق بالداخل الفلسطيني كلها تتحدث عن الحريات وما يسمى بموضوع "الإرهاب"، مؤكدا أن سلطات الاحتلال تنتهك الحريات في الداخل الفلسطيني من خلال ثلاثة قوانين، الأول ما يسمى "قانون الإرهاب" و "قانون الحبس الإداري"، وقانون "المراقبة" لصفحات التواصل الاجتماعي.
تضييق متصاعد
من جهته، أكد مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عمر خمايسة، تصاعد التضييق على الحريات وحقوق الفلسطينيين داخل أراضي الـ48.
وقال خمايسة لصحيفة "فلسطين": "إن (إسرائيل) تعترف بالعرب شكليا أما على أرض الواقع فهناك تضييق على حقوقهم تبدأ من الحق بالحياة وتتعرج إلى الحق بالمسكن والتعليم وتلقي الخدمات الصحية".
وأشار إلى أن قانون التخطيط والبناء جاء ليضيق الخناق على القرى العربية بخصوص الخرائط الهيكلية، لتضييق المساحة الممنوحة للعرب، لافتا "أن الكثير من القوانين تربط الحقوق بالانتماء والاحتلال وبالتالي تضييق المساحة التي من الممكن أن يعيش فيها المواطن تحت مظلة المواطنة".
وأكد أن الاحتلال ينظر لفلسطينيي الداخل أنهم "أعداء .. وأن هذه النظرة تزداد يوما بعد يوم"، مذكرا بموضوع سحب الحصانة من النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي، مثل ما حصل مع النائب باسل غطاس وذلك بهدف "أن يكون فلسطينيو الداخل مجموعة من الأشخاص بدون قيادات تؤثر".