فلسطين أون لاين

​رصاصة إسرائيلية تطفئ شمعة ذكرى ميلاد أيقونة العودة

...
أقارب الشهيد يودعونه بالدموع والآهات (فلسطين)
غزة/ عبد الرحمن الطهراوي:

لم يكف الشهيد أحمد محمد عمر عن ممازحة أفراد عائلته طوال الساعات الأخيرة التي قضاها في منزله بمخيم الشاطئ للاجئين، غرب غزة، طالبا من كل فرد منهم هدية تليق بيوم ميلاده وتجهيز قالب كيك تطبع عليه صورته وهو رافع شارة النصر بجانب تاريخ ميلاده 19/9/1994م.

كانت تلك الجلسة الأخيرة للشهيد (عمر 24 عامًا) في حضن عائلته، قبل أن يخرج برفقة أصدقائه في المخيم للمشاركة في إحدى فعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار، عند حاجز بيت حانون (إيرز)، شمال قطاع غزة، عصر أول أمس.

ومع غروب شمس ذلك اليوم، راح القلق يتسلل إلى فؤاد والدة عمر بعدما تأخر فلذة كبده عن موعد عودته إلى البيت، فهي التي اعتادت على أن يدخل عليها مع حلول آذان المغرب والجلوس معه حتى ساعات متأخرة لتسمع تفاصيل المظاهرات الشعبية قرب السياج الفاصل على طوال المناطق الشرقية لقطاع غزة.

حينها حاولت والدة عمر أن تهدأ من روعها "يمكن الباص تأخر عليهم.. أكيد راح يقعد مع أصحابه الصيادين فهذا موسم الجلمبات"، ولكن ما هي إلا دقائق معدودة حتى جاء اليقين على هيئة خبر صاعق "التعرف على الشهيد مجهول الهوية، الذي استشهد برصاص الاحتلال وهو أحمد عمر من سكان مخيم الشاطئ".

"لم يصدق أي من أفراد العائلة الخبر، والصدمة سادت أرجاء مخيم الشاطئ بالكامل، ولكن في نهاية الأمر خضع الجميع للحقيقة، فقد نال أحمد ما تمنى بعد عناء طويل في الدنيا"، يقول شقيقه حسن، الذي اغرورقت عيناه بالدمع وتعابيره بالحزن على فقدان "فاكهة البيت".

ويضيف حسن لصحيفة "فلسطين": "منذ انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار كان أحمد شديد الحرص على المشاركة في جميع الفعاليات الشعبية في المناطق الحدودية سواء في مخيم العودة بمنطقة ملكة، شرق مدينة غزة أو قرب موقع أبو صفية، شمال القطاع، حيث تميز الشهيد منذ طفولته بالنزعة الثورية التي كانت وما زالت تسود مخيم الشاطئ".

ومنذ أن بلغت مسيرات العودة وكسر الحصار ذروتها في 14 مايو/ أيار الماضي تزامنًا مع الذكرى السبعين للنكبة ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، حاولت عائلة الشهيد أحمد أن تقنعه بتقليل مشاركته واقتصارها على يوم الجمعة فقط خشية على حياته، ولكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل ففي كل مرة يأتي جواب الشهيد على هيئة ترديد مقطع إنشادي "يلا امشوا معانا على فلسطين.. ترب الأقصى نادانا متى راجعين".

وعما كان يتحدث به الشهيد بعد عودته من المسيرة؟ يجيب شقيقه حسن بالقول: "محور حديث أحمد غالبا كان عن جرأة الشبان في الاقتراب من السلك الفاصل وملاحقة جنود الاحتلال بالحجارة، وكيف كان يسارع نحو إنقاذ الجرحى والانخراط في العمل مع جميع الوحدات الشعبية التي تنشطه في مخيمات العودة .. لقد كان حقاً أيقونة في مسيرات العودة .. الجميع يعرفه جيداً ..".

وأنشأ الشبان الفلسطينيون في مخيمات العودة عددا من الوحدات الميدانية التي تشرف على آليات مواجهة "العنف الإسرائيلي" تجاه السلمية الفلسطينية، كوحدة حرق إطارات السيارات "الكوشوك" الساعية للتشويش على قناصة الاحتلال، وحدة قص السلك، ووحدة مكافحة قنابل الغاز فضلا عن وحدة إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة، وحديثا وحدة الإرباك الليلي.