قال الله (تعالى): {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}، فما هي أيام الله (تعالى)؟
إنها الأيام الفاصلة في تاريخ الأمم والشعوب، إنها أيام نصر الله (عزّ وجلَّ) فيها أنبياءه وأولياءه وقصم الطغاة والمتجبرين، وتهل علينا ذكرى يوم من أيام الله (تعالى) ألا وهو يوم عاشوراء (العاشر من محرم) ذلك اليوم الذي كانت فيه نهاية فرعون ذلك الزمان ولذلك صامه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ليبقى خالدًا في قلوب وعقول المسلمين إلى يوم الدين وعبرة لمن يعتبر بأنه مهما بلغ ظُلم الظالمين وتجبر المتجبرين فمصيرهم الهلاك المبين ويوم القيامة العذاب الأليم.
فعندما قدم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) المدينة المنورة وجد يهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عن ذلك فقالوا، ذلك يوم نجّى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وجنوده فصامه موسى شكرًا لله، فقال (صلّى الله عليه وسلّم): "أنا أحق بموسى منكم" فصامه وأمر بصيامه، واستمر (صلّى الله عليه وسلّم) في صيامه في كل عام، وكان في آخر حياته يحرص على مخالفة اليهود والمشركين في كل شيء لذلك قال قبل أن يُتوفى بعام لإن أحيانا الله لقابل لأصومنَّ التاسع (مع العاشر)، وقال عن صيام عاشوراء: "أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية"، ترغيبًا في صيامه كي نذكر في كل عام سُنَّة من سنن الله (تعالى) في الطغاة والفراعنة في كل العصور.
فرعون الطاغية نصّب نفسه إلهًا يُعبد من دون الله فقال، كما حكى القرآن الكريم: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، وتمادى في غيه وظلمه فأخذ يُقتل في الأولاد الذكور لمجرد رؤيا رآها أن ولدًا من بني إسرائيل سيدمر ملكه، {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}، وتمادى في طغيانه حتى قال -كما حكى القرآن الكريم- عنه:{ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ* فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ}، قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "إنَّ الله ليملي إلى الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، ثم تلا قول الله (تعالى): {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.
ومع ما ترونه من ظُلم الطغاة المتجبرين إلا أنَّ الله وعد عباده المؤمنين بالتمكين والنصر المبين فقال: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}.