بوسائل وأدوات جديدة يحاول المتظاهرون السلميون المشاركون في مسيرات العودة، تحويلها إلى حالة ضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتعنتة أمام مطلبهم برفع الحصار عن غزة، تزامنًا مع ارتفاع حجم الحشود الشعبية المشاركة في المسيرات بعد مرور 25 أسبوعًا على انطلاقها منذ 30 مارس/ آذار الماضي.
"الإرباك الليلي" هي وحدة استحدثها المتظاهرون تعمل على إبقاء حالة الاستنزاف قائمة لقوات الاحتلال على حدود القطاع، باتباع أساليب إزعاج مختلفة كأداة ضغط على حكومة الاحتلال، أبرزها إشعال إطارات السيارات وإلقاء زجاجات حارقة صوب ثكنات لجيش الاحتلال على الحدود الشرقية لشمال القطاع، وتشغيل صوت صفارات الإنذار عبر مكبرات صوت ضخمة في المنطقة الحدودية، لدفع جيش الاحتلال الإسرائيلي لإعلان الاستنفار.
ويأمل المتظاهرون من خلال تصاعد الحشد والمشاركة في مسيرات العودة، الضغط على الاحتلال للتوجه نحو تثبيت وقف إطلاق النار، بعد عرقلة السلطة في رام الله للمباحثات التي رعتها مصر بين فصائل المقاومة والاحتلال.
رسائل ودلالات
الخبير الأمني محمد أبو هربيد، يقول: "إن مسيرات العودة بدأت تأخذ منحى الإزعاج أكثر من الاحتياج، وأن المطلوب توظيف كل أدوات الإزعاج للضغط على الاحتلال.
وتأتي عملية إحداث الإرباك الليلي للاحتلال -كما أضاف أبو هربيد لصحيفة "فلسطين"- في اتجاهين: الأول كدليل على تقدم الأساليب خلال مسيرات العودة، والثاني يؤكد كسر حاجز الخوف لدى الثائرين، وأن اختيار الموعد له دلالة ورسالة أنهم لا يخشون تحدي الاحتلال في الظلام.
وأضاف: "صاحَب هذه الأدوات الجديدة افتتاح نقطة مواجهة بحرية سلمية جديدة قرب موقع "زيكيم" شمال القطاع"، مبينًا أن عودة الزخم الجماهيري بشكل كبير يحمل رسالة ضغط على قيادة الاحتلال وكأنه لا يهمها في هذه المرحلة رفع الحصار.
ويعتقد أبو هربيد أن الاحتلال سيأخذ بالحسبان حسابات جديدة لعملية تصاعد حشود المتظاهرين السلميين، وكذلك لاستخدام أدوات جديدة أصبحت تربك جيشه.
وتابع: "الاحتلال يدرك أن هذه الأدوات تتم بصورة منظمة رغم الطابع الشعبي العام لها، لذلك هو بين نارين إما مواجهة هذه الأدوات والوحدات، أو محاولة التصدي لها كما فعل مع وحدات البالونات الحارقة".
وبشأن دلالات تزايد أعداد المشاركين في المسيرات، يرى أنه بالرغم من وجود دعاية إسرائيلية ضخمة تستهدف المسيرات وتحاول قلب الحقائق بالادعاء أن المسيرات تسبب الإعاقة للشباب، إلا أن هناك حماسة متزايدة للمشاركة الجماهيرية لتوجيه الغضب الشعبي نحو الاحتلال.
ورأى أبو هربيد أن تزايد المسيرات خلال المرحلة الحالية والقادمة سيشكل ضغطًا أكبر على الاحتلال.
وبين أنه لا يمكن التنبؤ بالأدوات والأساليب التي يمكن ابتداعها في مسيرات العودة؛ لأن من يحددها هو صاحب الوطن والحقوق، مشيرًا إلى أن الأساليب الإبداعية التي تظهر مرة تلو الأخرى تعطي مسيرات العودة بعدًا زمنيًا إستراتيجيًا.
مماطلة وردّ فعل
الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، يقول لـ"فلسطين": "إن هناك حالة غضب جماهيري وشعبي جراء استمرار الحصار وعقوبات السلطة المفروضة على غزة، وهناك تحميل كامل للمسؤولية للاحتلال الذي يدير عملية تشديد الحصار".
وأضاف المدهون: "كان هناك أمل بحدوث تثبيت لوقف إطلاق النار ورفع الحصار، ولكن في لحظة مماطلة الاحتلال وتبادل الأدوار مع أطراف الحصار، كان هناك رد فعل من قبل الفصائل والجماهير الفلسطينية ضد الاحتلال من خلال توسعة الحراك الشعبي الذي اتخذ أساليب جديدة كالإرباك الليلي والحراك البحري المتزايد وحراك معبر بيت حانون/ إيرز، وإعادة ظاهرة البالونات الحارقة، لتذكير العالم أنه لن يكون هناك هدوء طالما أن الحصار مستمر.
وتكشف الأدوات الشعبية، كما تابع الكاتب السياسي، عن وجه الاحتلال القبيح بتشديد الحصار الذي يفرضه، وتحرجه دوليًّا، وتعيد قضية الحصار للمؤسسات الدولية، وتوصل صوت القطاع للخارج، إضافة لاستمرار اشتعال المواجهات مع الاحتلال التي ستستنزفه والتي قد تتطور للضغط على الاحتلال لرفع الحصار.

