زعم جاريد كوشنير مستشار الرئيس الأمريكي أن العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد الفلسطينيين لن تضر باحتمالات السلام، بل ستزيد من فرص تحقيقه، لأن الرئيس ترامب أزال "الحقائق الزائفة" التي تكتنف عملية السلام في الشرق الأوسط.
"الحقائق الزائفة" التي يقصدها كوشنير هي بعض العقبات التي تمنع دولة الاحتلال من المضي في تطبيق اتفاق أوسلو، ومنها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، و القدس عاصمة لدولتين، وإنهاء الاستيطان في الضفة الغربية، ولكن هل هذه فقط العقبات التي تعترض حل الدولتين؟ بالتأكيد ليست هذه فقط، ولكن هناك عقبة أشد وأكبر تمنع الكيان الاسرائيلي من التمتع بدولة حقيقية ومستقرة وهو وجود كتلة بشرية ضخمة ومتنامية من الفلسطينيين داخل الكيان وتهدد استقراره واستمرار بقائه، إنه وجود قرابة مليوني فلسطيني يعيشون داخل المناطق المحتلة عام 48، وهذه هي المعضلة الحقيقية التي لم يتم طرحها حتى اللحظة بشكل واضح وصريح وإن تم التلميح إليها كفكرة تبادل أراضٍ وسكان بين الكيان الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية.
اذا كانت المعركة اليوم حول اللاجئين والقدس والمستوطنات سيكون وجود الفلسطينيين _أصحاب الأرض والحق _داخل الكيان هو محور المعركة التالية وقانون القومية الإسرائيلي شرارة تلك المعركة.
إذًا لم يبق من اتفاق أوسلو سوى اسمه طالما قام على حقائق زائفة كما تقول الإدارة الأمريكية، فلماذا تتمسك بها منظمة التحرير الفلسطينية؟ وإلى أي مدى ستنتظر المنظمة حتى تعلن سحبها وليس تعليقها الاعتراف بشرعية دولة الاحتلال (إسرائيل)؟ ترامب كما سبق وقلنا لا يعطي قادة منظمة التحرير مجالا للمناورة ولا حتى للظهور بمظهر الصامدين، فبالأمس نفت الإدارة الأمريكية عرضها 5 مليارات دولار على السلطة للعودة إلى المفاوضات ووصفت القصة بالأسطورة، كما نفت قبل أياموجود عرض أمريكي للاجتماع بالرئيس الفلسطيني الذي قوبل بوضع شروط فلسطينية من أجل الموافقة على اللقاء.
خلاصة القول إن اتفاق أوسلو انتهى، وما تسعى إليه (إسرائيل) هو منح الفلسطينيين مشاريع اقتصادية وليس دولة، على أن تتفرغ هي لمعالجة المعضلة الأساسية للتخلص من الفلسطينيين داخل المناطق المحتلة عام 48، وأعتقد أن الإعلان الصريح عن نية (إسرائيل) التخلص منهم بشكل نهائي لن يتأخر كثيرا، فدولة الاحتلال تسابق الزمن لتحقيق إنجازات في ظل وجود ترامب في البيت الأبيض، ولكن هذا لا يعني مطلقا أن دولة الاحتلال ستنجح في مخططاتها حتى لو كان الرئيس الأمريكي هو نتنياهو بذاته. حل الدولتين فاشل ولن يكتب له النجاح، فلن تكون هناك دولة فلسطينية في مناطق 67، وكذلك لن تبقى هناك دولة إسرائيلية في المناطق المحتلة عام 48، والوقت كفيل بعودة الأمور إلى طبيعتها والحق إلى أصحابه.