فيما مضى كان يؤلمنا اكتفاء الأنظمة العربية بشجب واستنكار جرائم المحتل الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني، والآن حل السكوت مكانهما، وقد يعني السكوت التأييد والاستحسان لأن سكوت الرسميينيقابله هجوم عنيف ممن يسمون أنفسهم النخبة في بعض الدول العربية، هؤلاء لا ينطقون إلا بما يوحى لهم من أجهزة أمنية مختصة. أول أمس صدر البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب وكان نصيب القضية الفلسطينية منه: تقرر البحث عن حلول لمسألتي اللاجئين والقدس على هدي القرارات الأممية والشرعية الدولية، لذلك أقول إنهيمكننا البكاء على يوم كنا نقول فيه : تمخض الجبل فولد فأرا ، فخيبتنا فيهم تفوق الجبال وعقمهم حرمنا من طلة فأرهم .
آخر الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد قضية القدس هي حرمان مشافي القدس الفلسطينية من دعم سنوي يقدر بـ 20 مليون دولار، ولكن حكومتنا تصرفت على وجه السرعة وقررت تعويض المشافي من موازنتها، الأمور إلى الآن جيدة، ولكن عندما نعرف أن المشافي ذاتها تعاني من ديون على الحكومة الفلسطينية تقدر بـ 86 مليون دولار أمريكي نصاب ببعض الخيبة، فالحكومة مطالبة أولا بتسديد ما عليها من ديون وهي تعادل الدعم الأمريكي لأربع سنوات قادمة، والمشكلة أن الحكومة لا تستطيع تغطية أي عجز إلا من خلال الإيرادات الداخلية التي باتت تشكل 80% من ميزانية السلطة، أي أن الحكومة تسد عجزها من إيراداتها ومن جيوب المواطنين، ولذلك كلما نجحت الحكومة في رفع الإيرادات ازداد الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية سوءا، يعني اذا تم تغطية الميزانية بنسبة 100% سنكون قد وصلنا إلى حد الاختناق، أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه سنختنق ولكن بعد فترة زمنية قصيرة.
خلاصة القول انه لا بد من اجراء تغييرات جذرية من أجل التصدي لجرائم المحتل الإسرائيلي وجرائم أمريكا دون الاعتماد على العرب، وكذلك لا بد من إيجاد حلول اقتصادية عاجلة لإنقاذ المواطنين ودعم صمودهم في وجه الاحتلال سواء في الضفة أو في غزة، والاستمرار على هذا الوضع غير ممكن وعواقبه صعبة جدا.