تُعد أراضي المحررات في قطاع غزة، سلة غذائية مهمة، تُغطي محاصيلها الزراعية (20-30%) من احتياج السكان، كما تحتوي على مزارع لإنتاج اللحوم البيضاء.
وبحسب الإحصاءات المنشورة عن سلطة الأراضي الفلسطينية، فقد بلغت مساحة المحررات (15) ألف دونم، موزعة على (21) مستوطنة كانت تتركز بشكل أساسي في الشريط الساحلي لقطاع غزة منذ عام 1967.
وكان اندحار الاحتلال الإسرائيلي عن مستوطنات قطاع غزة في 15 من أيلول/ سبتمبر 2005.
وتتميز الأراضي الزراعية داخل المحررات بالتربة الخصبة، وتوافر المياه العذبة، وهما عنصران أساسيان في إنجاح الزراعة.
ومرت الأراضي الزراعية داخل المحررات بثلاث مراحل قبل أن تصل إلى هذا النجاح، يبينها حسام أبو سعدة، رئيس قسم الخضار في الإدارة العامة للإرشاد بوزارة الزراعة قائلًا: "إن المرحلة الأولى قبل عام2005م، حيث كانت أراضي المحررات في ذلك الوقت خاضعة لسيطرة الاحتلال، مساحتها من 3500-4000 دونمًا، تنتج خضارًا مختلفة يبيعها الاحتلال في أسواقه ويصدرها للضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والخارج، وكان يشتغل فيها عمال من غزة".
وأضاف أبو سعدة لصحيفة "فلسطين" أن المرحلة الثانية بعد انسحاب الاحتلال من قطاع غزة2005، حينها أوكلت مهمة زراعة أراضي المحررات إلى الشركة الفلسطينية للتطوير الزراعي، ومكثت في العمل مدة عام، وأنتجت محاصيل مختلفة صدرت إلى الخارج، مثل البندورة، الخيار، الباذنجان، الفلفل، الفراولة وغيرها".
وتابع: "بعد عام 2007، تم تأجير الأراضي الزراعية داخل المحررات إلى جمعيات ومؤسسات خيرية، وكانت الزراعة حسب احتياج السوق المحلي نظرًا لفرض الاحتلال في حينه حصارًا شاملًا على قطاع غزة أغلق خلاله باب التصدير، ولكن بعد تخفيف الاحتلال قيوده على المعابر وسماحه بتصدير الإنتاج الزراعي من غزة، عاد الإنتاج إلى سابق عهده".
وأشار أبو سعدة إلى أن وزارة الزراعة ونظرًا لزيادة الكثافة السكانية في قطاع غزة وما قابل ذلك زيادة في معدلات الاستهلاك، استصلحت أراضي جديدة داخل المحررات، حتى وصلت المساحة الزراعية إلى (6) آلاف دونم.
وأكثر ما يواجه المزارعين في أراضي المحررات، استهلاكها الكبير للمياه العذبة، "لأن تربتها رملية صفراء تنفذ خلالها المياه إلى باطن الأرض".
وقال أبو سعدة إنهم تغلبوا على هذه المعضلة في وضع طبقة من التربة الطينية (جلبوها من المناطق الشرقية لقطاع غزة) داخل حفر التربة الرملية، مشيرًا إلى أن نجاح ذلك ساعدهم في زراعة أشجار الفواكه واللوزيات، والحمضيات، والجوافة إلى جانب الخضروات.
وتوفر أراضي المحررات الزراعية في الوقت الراهن فرص تشغيل لنحو ألف عامل في قطاع غزة.
في سياق متصل تضم أراضي المحررات مزارع لإنتاج اللحوم البيضاء، أجّرتّها الحكومة لشركات في القطاع الخاص ومؤسسات خيرية، إنتاجها يغطي جزءًا من احتياج المستهلكين.
وقال طاهر أبو حمد، مدير عام الإنتاج الحيوانية في وزارة الزراعة: "يوجد في المحررات 40 مزرعة حبش، تنتج ما يقارب من 20-30 ألف حبشة وهي تغطي 50% من احتياج السكان.
وأضاف أبو حمدلصحيفة "فلسطين" أن المحررات تحتوي على 30 ألف دجاجة بياض تغطي 5% من احتياج المستهلكين من بيض المائدة.
وأشار إلى أن مزارع الدجاج اللاحم محدودة جدًا.
ويفسر د. كامل أبو ظاهر، المتخصص في جغرافيا التنمية الزراعية، سبب كثرة المياه العذبة داخل أراضي المحررات مقارنة بغيرها، لاحتوائها على (كثبان رملية) تسمح بنفاذ مياه الأمطار إلى باطن الخزان الجوفي.
وقال أبو ظاهر لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال الإسرائيلي حافظ طوال فترة احتلاله على نقاء هذه المياه، ومنع إنشاء مشاريع زراعية وصناعية عليها".
ويرى أبو ظاهر أن اتباع المزارعين والمربين أساليب خاطئة في المحررات، سببت استنزافًا للمياه العذبة، وعرضت المخزون الجوفي للتلوث.
وبين أن زراعة الأشجار داخل أراضي المحررات تستهلك كميات كبيرة من المياه مقارنة بزراعتها في مناطق أخرى، إذ إن كمية المياه التي تروي شجرة واحدة مزروعة في المحررات تكفي لري 20 شجرة في أرض طينية.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي كان يضع طبقات بلاستيكية أسفل التربة لمنع نفاذ متبقيات وآثار المبيدات الزراعية إلى باطن الأرض.
وحذر من إنشاء مزارع لتربية المواشي في المحررات، لأن مخلفاتها تلوث المخزون الجوفي للمياه، كما حذر من إنشاء محطات معالجة قريب أو داخل المحررات.