لا تنفك الإدارة الأمريكية منذ ثمانيات القرن الماضي عن تقديم مقترحات ومشاريع تصفية وإنهاء القضية الفلسطينية وتمكين الصهاينة من أرضنا المحتلة، وبين الفينة والأخرى تقدم مشاريع ومقترحات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وإنهائها وتهجير الشعب الفلسطيني وسلخه عن أرضه ووطنه وهويته.
حديثا عرضت الإدارة الأمريكية برئاسة (ترامب) مقترح جديد يسير ضمن السياسية الأمريكية الجديدة للمنطقة (صفقة القرن)، و ينص المقترح الأمريكي على تشكيل (كونفدرالية) بين الضفة الغربية المحتلة والمملكة الأردنية باستثناء قطاع غزة.
إن فكرة (الكونفدرالية) خبيثة وخطيرة تستهدف أرض فلسطين وإنهاء القضية الفلسطينية، وهي فكرة قديمة منذ ثمانينات القرن الماضي بهدف تمكين العدو الصهيوني من السيطرة الكاملة على أرض فلسطين وطردها أهلها وتهويد مقدساتها.
والخطير في موضوع (الكونفدرالية) قبول السلطة والرئيس عباس مناقشة المقترح الأمريكي بشأن (الكونفدرالية) مع الأردن لكنه اشترط انضمام (إسرائيل) إليه، حيث تحدثت مصادر إعلامية أن رئيس السلطة قال خلال لقائه وفدا (إسرائيليا) ضم ما يطلق عليهم (نشطاء سلام) وأعضاء من الكنيست الصهيوني أن صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه (جاريد كوشنر) طرح موضوع (الكونفدرالية) على أبو مازن، فيما تحدثت (هاغيت عوفران) من منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية أن مسئولين أميركيين يعملون على وضع خطة للسلام بين (الإسرائيليين) و(الفلسطينيين)، وقد تم طرح الفكرة على عباس للاتحاد الكونفدرالي مع الأردن ؛ ونقلت (عوفران) عن عباس قوله: إنه أبلغ المسؤولين الأميركيين بأنه سيكون مهتما فقط إذا كانت (إسرائيل) أيضا جزء من الاتحاد الكونفدرالي.
إن مقترح (الكونفدرالية) فكرة غربية أمريكية إسرائيلية بهدف إنهاء القضية الفلسطينية وإنهاء حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الملايين من اللاجئين، وربما ظروف الضعف والذل والهوان والتشرذم العربي جعلت من المسؤولين الأمريكان معادة طرح الفكرة على الفلسطينيين والأردنيين وذلك من أجل التسويق لها بين الدول الكبرى والمجتمع الأولى من أجل تثبيت الاعتراف بالاتحاد الكونفدرالي وإنهاء شيء اسمه القضية الفلسطينية وإنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وإحراق الأرشيف الفلسطيني الأممي وإنهاء حق عودة اللاجئين على ديارهم التي هجروها تحت القتل وتهديد السلاح في نكبة عام 1948م.
إن فكرة (الكونفدرالية) بين الضفة الغربية المحتلة و الأردن فكرة قديمة جديدة ويسوق لها الكثير ممن لا يرغبون برؤية دولة فلسطينية مستقلة على أي جزء من أرض فلسطين التاريخية حتى ولو كانت منزوعة السلاح أو مقسمة إلى (كانتونات) منفصلة أو بأية صيغة يمكن أن تسمى دولة.
في كل يوم ينتج الأمريكان أفكار ومشاريع جديد من أجل إنهاء القضية الفلسطينية فقد تم طرح مشاريع الوطن البديل وتم إعداد خطط كثيرة ومشاورات ثم تم وضع اتفاق أوسلو -وهو عبارة عن محادثات تسوية بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين) وتم وعد الفلسطينيين بدولة ولكن لم يتحقق الوعد، ثم مشاريع حل الدولتين؛ وربما هذا الحل يكون آخر الحلول بعد انتهاء زمن سلطة (أوسلو) الذين لم يحصلوا على حلمهم بتحقيق دولة كاملة السيادة على أرض فلسطينية.
(الكونفدرالية) بين الضفة المحتلة والمملكة هو من المشاريع الأمريكية الغربية الإسرائيلية الخبيثة والخطيرة التي تستهدف مواصلة سرق أرض فلسطين وتهويد مقدساتها، وتستهدف الهوية والكيان الفلسطينية وتستهدف بالأساس وتمكين الصهاينة على هذه الأرض المقدسة وهدم المسجد الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم.
في ظل المشاريع ومقترحات التصفية لقضيتنا الفلسطينية لن يستطيع أحد أن يواجه خمسة مليون فلسطيني ما بين فلسطيني الداخل وفلسطيني الضفة و قطاع غزة غير اللاجئين في الخارج - ولن يستطيعَ أحد اقتلاع الفلسطينيين أصحاب الهوية والجذور من أرضهم وديارهم من أجل تمكين الصهاينة وعملائهم على هذه الأرض المباركة والعمل على إنهاء القضية الفلسطينية وحق عودة اللاجئين المقلقة لهم، وسيواصل شعبنا الفلسطيني مواجهة هذه المخططات والمشاريع التصفوية الخبيثة والعمل على إسقاطها.