في أغسطس من العام الجاري قدمت حركة فتح للمخابرات المصرية ورقتين للمصالحة (أخذ ورد)، ووصفت حماس الورقة الأخيرة بأنها أكثر سوءًا من الأولى، ومن مصادر خاصة اطلعت على ورقتي المصالحة بإيجاز شديد نورد أهم النقاط التي تناولتها ورقة المصالحة الأخيرة:
- ألغت الورقة الثانية بند الشراكة واستبدلت به بسط دولة فلسطين كامل سيطرتها على التراب الوطني (التمكين).
- أسقطت الورقة الثانية اتفاق المصالحة 2011م مرجعية للمصالحة واستبدلت به اتفاق أكتوبر/2017م.
- تبنت الورقة الثانية البرنامج السياسي للرئيس محمود عباس، وأشارت في ديباجتها السياسية إلى القرار 194، ومخرجات المجلس المركزي الأخيرة ذات العلاقة بالشق السياسي.
- أكدت الورقة الثانية في بند واضح وصريح السلطة الواحدة والقانون الواحد والسلاح الواحد.
- أجلت الورقة الثانية تشكيل حكومة وحدة وطنية إلى آخر مرحلة من التطبيق، وأكدت ضرورة تولي حكومة التوافق مسئولياتها كافة في قطاع غزة، ومنها الجباية.
حركة حماس من جانبها تسعى إلى مصالحة تحقق الرؤية السياسية، التي تحدث عنها السيد إسماعيل هنية خلال خطبة عيد الأضحى، وأكدها يحيى السنوار خلال لقائه الكتاب قبل أيام، وكنت من بين الحضور، طرح السنوار الرؤية السياسية التالية:
- رفع العقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة.
- تشكيل حكومة وحدة وطنية.
- إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات مجلس وطني.
- المجلس الوطني المنتخب يفترض أن يخرج من رحمه مجلس مركزي، ولجنة تنفيذية، تعبر عن الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، أضاف السنوار: "إن حماس على استعداد إلى وضع مقدرات المقاومة كافة تحت إمرة المجلس الوطني التوحيدي".
رؤية حركة فتح للمصالحة يقوم جوهرها على ثلاث ركائز، هي:
- التمكين فوق الأرض وتحت الأرض ومن الباب إلى المحراب.
- السلطة الواحدة والقانون الواحد والسلاح الواحد.
- تبني البرنامج السياسي للرئيس محمود عباس.
استشراف مستقبل المصالحة والتهدئة وانعكاسه على كيان الاحتلال:
ما بين رؤيتي فتح وحماس تغيب المصالحة وتبتعد كثيرًا، وهذا ينقلنا إلى مستقبل التهدئة، ومن يعتقد أن تحقيق التهدئة ضمن تعقيدات المشهد سهل فعليه مراجعة حساباته، وربما جوهر هذا التعقيد يرتكز على موقف الاحتلال الذي يعيش في موقف لا يحسد عليه، فهو يريد تهدئة يحقق من ورائها أربع نتائج، هي:
- عدم المساس بمشروع التطبيع وتشكيل تحالف عربي دولي ضد إيران.
- الانتهاء من مسيرات العودة وكابوس البالونات الحارقة قبل الانتخابات الإسرائيلية.
- استكمال بناء الجدار البري والبحري على حدود قطاع غزة.
- تبريد جبهة غزة، والتفرغ لجبهة الشمال لطرد حزب الله والحرس الثوري من الجنوب السوري.
أين تكمن معضلة الاحتلال؟
لو وافق الاحتلال على إبرام تهدئة مع حركة حماس في ظل رفض الرئيس محمود عباس؛ فإن أولى النتائج المتوقعة التي يخشاها ما يلي:
- تسليم الرئيس عباس مفاتيح السلطة للاحتلال.
- وقف حقيقي للتنسيق الأمني، وإطلاق يد بعض الخلايا النائمة للعمل بالضفة الغربية.
وفي حال أفشل الاحتلال جهود التهدئة إن النتائج المتوقعة:
- زيادة وتيرة مسيرات العودة والبالونات الحارقة وغيرها.
- انزلاق الأمور نحو سيناريو المواجهة الشاملة، التي ستعيق طموحات نتانياهو وحكومته في المرحلة الراهنة، وسبق أن ذكرناها بالمقال.
الخلاصة: ما زالت التهدئة تعترضها تحديات، والقاهرة خلال اجتماعها إلى الرئيس عباس أكدت عدم تجاوزه، وأن أولويات القاهرة تحقيق المصالحة، إن صحت تلك الأخبار فإن السيناريوهات المحتملة هي:
- حرب تحريكية لا يرغب فيها الطرفان، تكون محدودة لتعجيل التهدئة.
- أن تقدم القاهرة رؤية تقبلها الأطراف كافة، وتقوم على إنجاز تثبيت وقف إطلاق النار 2014م (التهدئة).
- أن تدخل أطراف غير القاهرة على خط الوساطة مثل الأمم المتحدة أو قطر.