فلسطين أون لاين

"التطنيش" منجاة من الدهون النفسية والاجتماعية

...
غزة - هدى الدلو

كثيرًا ما تتردد على ألسنة الناس قاعدة من عدة كلمات "طنش، تعش، تنتعش"، وتفسيرها يوحي بأنه في حال استطاع الشخص إتقان فن التغافل والتجاهل والتطنيش سيحيا حياة سعيدة، فالتخلص من الأشخاص السلبيين الذين يثقلون كاهلنا من شأنه أن يخفف من المشاكل، والتطنيش هو رجيم نفسي يخفف من الدهون النفسية ويجنبك السمنة الاجتماعية.. فما هو هذا الفن؟ ومتى يمكن أن نلجأ إليه؟، وما مدى تأثيره على طبيعة العلاقات؟، هذا ما نتحدث عنه في السياق الآتي:

رئيس قسم الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في الإدارة العامة للصحة النفسية إسماعيل أبو ركاب قال: "فن التطنيش هو القدرة على تجاهل سلوكيات وأفكار ومشاعر الآخرين، وفي سياق آخر هو قدرة الشخص على التأقلم والتكيف مع المواقف الاجتماعية من خلال التجاهل واللامبالاة".

وأوضح أنه يمكن أن يلجأ الشخص إلى هذا الفن في حال شعر بعدم القدرة على الرد على الموقف بالشكل المناسب، وعندما يمر الشخص بمزاج سلبي ويخشى الاحتكاك بالآخرين، إلى جانب أنه يمكن استخدامه عندما يكون الآخرون سلبيين ولا يريد أن يدخل في جدال عقيم معهم، ويمكن أن يلجأ للتطنيش كنوع من أنواع الدفاعات النفسية لإظهار القوة والشعور بالانتصار والغلبة.

وأشار أبو ركاب إلى أنه قد يؤثر على طبيعة العلاقات، ولكن يرجع الأمر لطبيعة الشخص المقابل، فبعض الناس تحتاج إلى أن يتم التعامل معها بالتطنيش لأنها صاحبة فكر سلبي ومزاج متقلب، وبعض الناس إن عاملتها بهذا الأسلوب فإنك تؤذيها لأنها شخصيات ايجابية وكان من الأفضل محاورتها والتفاهم بصورة مباشرة، فالفريق الأول إذا عاملته بالتطنيش فإنه يزيد في احترامك، والفريق الثاني إذا عاملته بهذا الأسلوب فإنك سوف تخسره للأبد.

وعن معاوية رضي الله عنه قال: "ثلث الحكمة فطنة وثلثاها تغافل"، ونوه إلى أن التطنيش هو تعمد الغفلة مع من نحب حتى لا نخسرهم، وتعمدها مع من لا نحب حتى لا نخسر أنفسنا، وهو سلوك الحكماء، كما أنه حيلة نفسية للهروب، وتفادي الوقوع في مواجهة، كما أن الانشغال بالنقد الموجه للشخص من شأنه أن يستفز طاقته النفسية، ولياقته الروحية، ويستنزف مساحته العقلية.

وبين أن أغلب الأشخاص الذين يتبعون هذا الأسلوب هم أشخاص تعرضوا لكم كبير من التجارب السلبية، لذلك علينا أن نقدر هذا الجانب، وألا يتم رد الإساءة بالإساءة، لأنه كما يقال الشخص الكتوم أو الشخص الذي يبتعد عن الاحتكاك بالآخرين هو شخص محمل بالهموم، أما إذا تم التأكد من أن هذا الشخص يقوم بذلك بشكل مقصود فإن التجاهل هنا هو سيد الموقف وطبيعة البشر لا تقدر على التجاهل لفترات طويلة، والعلاقات الإنسانية مبنية في الأصل على حسن الظن فإن غابت تلك الملكة فعلى جميع علاقاتنا السلام.