أعلنت الإدارة الأمريكية الجمعة أن الولايات المتحدة لن تمول بعد اليوم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وقالت إن هذه الوكالة منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه، كما أكدت أن إدارة الرئيس دونالد ترامب طالبت سابقا بمعالجة مشاكل في طريقة عمل الوكالة دون حدوث أي تغييرات.
مثل هذا القرار غير مستبعد ولا مستغرب من الإدارة الأمريكية ، ولكن الدهشة التي أبداها الكثير من الأطراف هي المستغربة، فقضية اللاجئين بدأت تصفيتها بشكل رسمي منذ توقيع اتفاقية اوسلو، وقبل ان نسلط الضوء على هذه القضية الحساسة نؤكد كفلسطينيين أنه لا ترامب ولا أي رئيس دولة عظمى أو صغرى سيمنع الفلسطينيين من تحرير فلسطين من البحر إلى النهر ولا من عودة كافة اللاجئين إلى ديارهم، ومن عودة الحق إلى أصحابه .
عندما تم توقيع اتفاقية أوسلو ومنح الكيان الغاصب اعترافا مجانيا بشرعيته من جانب منظمة التحرير مقابل اعتراف إسرائيلي بالمنظمة مع تأجيل البحث في قضية اللاجئين وعدم حسمها قبل ذلك الاعتراف، كان هذا هو بداية التنازل عن حق اللاجئين في العودة، ثم جاءت المبادرة العربية للسلام عام 2002 لتؤكد أن قضية اللاجئين سيتم حلها بـ " التوافق"، وأنا قلت ألف مرة إن هذه الكلمة هي مفتاح ضياع حق العودة في اللعبة السياسية الجارية، فلن تسمح دولة الاحتلال إسرائيل بعودة اللاجئين ولن تفعل ذلك أمريكا، وكذلك لن توافق عليها الأمم المتحدة التي تطير إليها القيادة الفلسطينية في كل مناسبة وعلى إثر كل جريمة ترتكبها دولة الاحتلال إسرائيل أو ربيبتها أمريكا.
إذًا الفرق بين ترامب والدول المعارضة لقراره هو مسألة التوقيت لا أكثر، فالدول العربية والغربية وحتى السلطة يريدون ايجاد حل متوافق عليه وغالبا ما يكون " التعويض" وعودة بضعة الاف من الفلسطينيين الى اراضي السلطة الفلسطينية من اجل إغلاق ملف اللاجئين، ولكن ترامب يحب القفز الى النهايات ويحب ان تكون فترة رئاسته مثيرة ومثمرة لصالح العدو الإسرائيلي. ومع ذلك فقد تتراجع الولايات المتحدة عن قرارها بعد الرضوخ التام لشروطها وإجراء التغييرات التي طالب بها الرئيس الأمريكي.
خلاصة القول هو ان الإدارة الأمريكية تريد الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل تصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين على وجه الخصوص، ومن ذلك تقليص شديد في خدمات وكالة الغوث وتغيير في المناهج الدراسية في مدارسها وربما أيضا إجراء بعض التغييرات على واقع المخيمات الفلسطينية في الشتات في دول لم تصلها الحروب ولم يهجر سكان المخيمات الفلسطينية منها كما حدث في مخيمات اللاجئين في سوريا التي تم استهداف اللاجئين الفلسطينيين فيها بمشاركة النظام وداعش وكل المتآمرين على القضية الفلسطينية.
ولكن السؤال الأهم : هل سيتحرك الشارع الفلسطيني وقادة الفصائل ضد الاعتداء الأمريكي الجديد بما يتناسب مع حجم الجريمة، أم سنكتفي بالشجب والاستنكار والتهديد بالذهاب إلى الأمم المتحدة ثم نعود إلى مناكفاتنا الداخلية وكأن شيئا لم يكن ؟؟