قال السيد عزام الأحمد في مقابلة صحفية معه: إن حركة فتح ترفض البحث في التهدئة قبل المصالحة، إذ عندما تتحقق المصالحة، ستكون لدينا حكومة واحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعندها يمكننا التوصل إلى اتفاق للتهدئة، بحيث تكون الحكومة في موقع القادر على الإشراف على التهدئة وتطبيقها، وأضاف أن "الجهات في حماس التي تطالب بالتهدئة أولاً، لا تريد للمصالحة أن تتم، وكل ما تريده هو تعزيز سلطتها في غزة على حساب المصالح العليا للشعب الفلسطيني".
لا بد قبل التعليق على ما جاء على لسان الأحمد الاتفاق على مفهوم " المصالح العليا للشعب الفلسطيني"، فاذا تم التوافق على دلالات المفهوم لا يمكن أن يكون هناك خلاف على مقتضاه، فعندما نقول: "الشعب الفلسطيني" فهذا يعني الكل الفلسطيني؛ وأولهم أهلنا في الشتات، ومصلحتهم تقتضي عودتهم إلى ديارهم دون تلاعب في عددهم كما تحاول أمريكا أن تفعل، وذلك يكون بالتمسك بحق عودة اللاجئين دون حلول وسط، الكل الفلسطيني يشمل أهلنا في المناطق المحتلة عام 48، ومصلحتهم تقتضي عدم التنازل عن حق المقاومة وتحرير الأرض ، والكل الفلسطيني يشمل أهلنا في الضفة الغربية والقدس، ومصلحتهم تقتضي دحر المستوطنين، وكذلك فإن الكل الفلسطيني يشمل أهلنا في قطاع غزة وهم الأكثر معاناة وحاجة الى حلول عاجلة تنقذهم مما هم فيه، والمقصود أن المصالح العليا للشعب الفلسطيني لا تتحقق الا بالالتزام بالثوابت الفلسطينية وليس الالتزام باتفاقات تنتقص منها، فضلا عن أنها اتفاقات فاشلة وأكل الدهر عليها وشرب دون تنفيذ أي بند فيه مصلحة الفلسطينيين.
الأحمد يكرر ما قاله، وأنا بدوري أكرر ردي على أقواله، حيث سبق ووقع اتفاق تهدئة عام 2014 ولم يكن هناك حكومة توافق في قطاع غزة، وما حدث عام 2014 يمكن أن يتكرر عام 2018 بشروط أفضل، لأنه خلال السنوات الأربع الماضية تحسن وضع المقاومة، فأصبحت الضامن الأفضل لأي اتفاق قادم مع العدو الإسرائيلي، فالقادر على ردع العدو قادر على إجباره على الالتزام بالاتفاقات أو تكبيده أثمانا باهظة لنكوصه. ولا شك أن التعجيل في تنفيذ المصالحة أمر غاية في الروعة ويمكنها أن تكون قاعدة لإنجاز تهدئة شاملة مع العدو الإسرائيلي ولكن لا يمكن لأهلنا في غزة انتظار المصالحة عشر سنوات أخرى، كما أن التهدئة لا تمس بالثوابت الفلسطينية ولا تتناقض مع توجهات السلطة الفلسطينية التي بدورها أعلنت قبل يومين عن القبول بدولة فلسطينية منزوعة السلاح تماما، علما بأن التهدئة لا تعني إلا رفع الحصار عن غزة مقابل هدوء متبادل وليس لها أية ارتباطات بما تسمى بصفقة القرن حسب ما تقوله الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.