رأى مختصان في الشأن الإسرائيلي أنه من المبكر الحديث عن رحيل بنيامين نتنياهو من رئاسة حكومة الاحتلال، وتوقعا أن تتواصل التحقيقات في قضايا الفساد ضده، فيما لم يستبعدا أن تطال التحقيقات شخصيات إسرائيلية أخرى.
وقال مدير المركز الدولي للاستشارات في (تل أبيب) وديع أبو نصار، إن "مستقبل نتنياهو ما زال غامضًا لسببين، الأول: أن التحقيقات لم تنتهِ بعد، والثاني: أنه في كل يوم تتكشف وتضاف فضيحة جديدة".
وأضاف أبو نصار في تصريحات لـ"فلسطين" أن وضع نتنياهو بلا شك صعب، ولكنه لن يسقط بالضرورة، لكن تواصل التحقيقات وتوالي الفضائح قد يقلب الأمور رأسًا على عقب بالنسبة لنتنياهو، وبالتالي الأمور ما زالت غير واضحة، وهناك حاجة لمزيد من الوضوح ولكن ليس قبل انتهاء التحقيقات، لأنه باعتقادي هناك الكثير من الأطراف التي لم يتم استجوابها والتي قد تكون لها علاقة بالأمر.
وأشار إلى أن قضية نتنياهو مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، تشير إلى محاولة نتنياهو إسكات الأصوات الناقدة له، والتوصل إلى صفقة مع الصحيفة التي كانت تعتبر من أشد الناقدين لنتنياهو، وقد حاول مسبقًا البحث عن بدائل لمواجهة الانتقادات الموجهة له في وسائل الإعلام العبرية من خلال إطلاق صحيفة "إسرائيل اليوم" المجانية والقريبة من خطه السياسي، لكن الأمور تكشفت بطريق الصدفة.
وتابع: أعتقد أن التحقيقات الواسعة الجارية الآن في هذه القضية ستطال الكثيرين.
ولفت أبو نصار إلى أن وسائل إعلام عبرية، كان لها دور في التحقيقات الجارية ضد نتنياهو، فهي فتحت التحقيقات ضده قبل أن تفتح الملفات لدى شرطة الاحتلال، بينما هناك وسائل إعلام تؤيد نتنياهو، وهناك من ينتقده وهناك من يقف موقف المتفرج.
ونوَّه أبو نصار إلى أن قضايا الفساد لاحقت نتنياهو منذ بداية ولايته الأولى في أواسط التسعينيات، وتعقدت مع وصوله إلى سدة الحكم مرة أخرى في أواخر 2009، والآن هناك محاولات جادة من قبل الكثيرين للبحث في سبل إسقاط نتنياهو، وقد حاول تلافي ذلك من خلال التوصل إلى صفقة مع "يديعوت".
وأشار إلى أن مشاورات تجري خلف الكواليس من قبل بعض الساسة الإسرائيليين، لدراسة إمكانيات مختلفة لما بعد إسقاط نتنياهو، حيث كشف عن لقاء بين زعيم حزب "المعسكر الصهيوني" المعارض يتسحاق هرتسوغ، ورئيس حزب "كلنا" ووزير المالية في حكومة الاحتلال موشيه كحلون، لبحث خلافة نتنياهو، كما كشف أن هناك أوساطًا في الليكود بدأت تستعد لليوم الذي يلي نتنياهو، "لكن في اعتقادي ما زال من المبكر الحديث عن اليوم الذي يلي نتنياهو وكل المؤشرات تشير إلى أنه ما زال من الممكن أن يتخطى هذه العقبات وهذه التحقيقات".
من جانبه، رأى مدير مركز الدراسات المعاصرة في الداخل المحتل صالح لطفي، أن نتنياهو لن يخرج سالمًا من التحقيقات.
وأضاف لطفي في تصريحات لـ"فلسطين"، أن مستقبل نتنياهو السياسي انتهى في ظل سلسلة قضايا الفساد التي تلاحقه حتى لو خرج منها بريئًا، فعلى المستوى الاجتماعي والسياسي لا شك أن نتنياهو انتهى، وانتهى حكمه بعد أن دخل مرحلة الفساد السياسي، مشيرًا إلى أن قاعدة في الدولة العبرية تقول: "إذا تغلغل الفساد في الحكم فهذا مؤشر على قرب تفكك النظام السياسي".
ورأى أن خيارات نتنياهو محدودة، فإما أن ينتهي سياسيًا أو سيضطر إلى إدخال تغييرات جذرية في سياساته.
وكان نتنياهو جدد اتهامه، أمس، للإعلام العبري بشن حملة واسعة من أجل إسقاط حكومة حزب "الليكود" التي يترأسها.
وقال نتنياهو في بيان نشره على صفحته في موقع "فيس بوك: "في الأيام الأخيرة تجري حملة إعلامية غير مسبوقة في حجمها لإسقاط حكومة الليكود التي أترأسها".
وكان نتنياهو يشير بذلك إلى سلسلة تسريبات نُشرت في العديد من وسائل الإعلام العبرية عن التحقيقات التي تجريها شرطة الاحتلال معه حول شبهات حصوله على منفعة من رجال أعمال بمن فيهم ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أرنون موزيس.
وقال نتنياهو: "هذه الحملة مصممة للضغط على النائب العام وجهات أخرى في النيابة العامة لتقديم لائحة اتهام ضدي".
وأضاف: "الوسيلة واضحة: ففي كل يوم وليلة يجري توزيع كلمات يتم اختيارها بدقة تتضمن كذبًا مقصودًا".
وتابع: "بطبيعة الحال، فطالما استمرت التحقيقات فإنني لا أستطيع الدفاع عن نفسي، لا يمكنني أن أقول للجمهور القصة الحقيقية ولكنني أوضح أنه لا توجد جريمة".