فلسطين أون لاين

​رصاص واعتقال يحرمان "حور العين" من والديها

...
صورة أرشيفية
الخليل-غزة/ خضر عبد العال:

"جاء الجيش إلى بيتنا في الليل وكنا نائمين، واعتقلوا ماما".. بصوت خافت وصفت "حور العين سعيد" ذات الثمانية أعوام تسلل قوة خاصة من جنود الاحتلال الإسرائيلي إلى بيت عائلتها واعتقال والدتها.

فبعد انتصاف ليل الإثنين 2 يوليو/ تموز الماضي، تسللت قوة من جيش الاحتلال إلى بيت عائلة سعيد الواقع في منطقة الجلدة وسط مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، واعتقلت الأسيرة دينا سعيد (الكرمي) زوجة الشهيد القسامي نشأت الكرمي، ليغدو مصدر دفء "حور العين" بعيدا.

وفي صباح الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2010، كانت "حور العين" أيضاً على موعد لم تكن لتستوعبه بعد، وهو فقدان عطف والدها بعد ارتقائه شهيداً خلال اشتباك مسلح مع قوات كبيرة من جيش الاحتلال.

وتعمل الأسيرة دينا (38 عاماً) معلمة لغة عربية في مدرسة الرحمة التابعة للجمعية الخيرية وسط مدينة الخليل، إلى جانب مواصلتها للدراسات العليا (الماجستير) في جامعة الخليل.

حاولت صحيفة "فلسطين" التواصل مع والدة الأسيرة، لكن ظروفاً خاصة لدى العائلة حالت دون ذلك، فتحدثت شهد سعيد (23 عاماً) الأخت الصغرى للأسيرة، وقالت: "ربنا يخفف عنها ويصبرها، كان اعتقال دينا بالنسبة لابنتها صعبا جداً، فهي سندها وظهرها".

وأكدت شهد وحشية تعامل قوات الاحتلال مع العائلة لحظة اعتقال شقيقتها، واصفةً المشهد: "دخلت قوة من جيش الاحتلال في حدود الساعة 2:30 قبل الفجر بشكل عنيف وهمجي دون مراعاة حرمة البيت، واعتقلت دينا دون توجيه أي تهمة لها".

وتضيف: "أختي دينا من البيت للمدرسة ومن المدرسة للبيت، لا يوجد سبب مباشر لاعتقالها، وليس لديها أي نشاط سوى أنها معلمة"، في إشارة لعدم وجود أي تهم تستوجب اعتقالها.

وتطرقت شهد للأسيرات اللواتي اعتقلن خلال الفترة الأخيرة من مدينتها بقولها: "ما حلّ بأسيرات المدينة مؤخراً هو ظلم كبيريجب أن يُحاسب عليه الاحتلال، فجميعهن أمهات وربّات بيوت أو معلمات، ليس لديهن علاقات أو ارتباطات بأي تنظيمات وأعمال سياسية أو عسكرية قد تمس بأمن دولة الاحتلال المزعومة".

شهد التي تدرس تخصص علم النفس بجامعة الخليل، تقول: "كان لدينا أثر كبير في تكوين شخصيتي، فكنت أستشيرها في كل الأمور أو الصعوبات التي تواجهني، أما على صعيد العائلة فهي أكبرنا، وفي أغلب الأحيان تساعدنا، رغم انشغالها بين الدراسة والعمل، في أعمال البيت".

وختمت شهد حديثها قبل الاستئذان لاستقبال زائر متضامن مع العائلة لما حل بهم من محنة اعتقال دينا، بالتأكيد على أن "ظلم الاحتلال لن يدوم، وأن الفرج قريب والأمل في وجه الله"، مضيفة: "الاحتلال ظالم جائر لا يعرف طريق الإنسانية، ونطلب من رب العالمين أن يفرجها عن كل الأسرى والأسيرات".

وبالعودة إلى الطفلة "حورة"، كما تحب العائلة مناداتها، تقول: "لما ترجع ماما بدنا نعمل حفلة وناكل كيكة ونشرب عصير"، مشيرة إلى أن الاحتلال لم يكتفِ بالتسبب باليتم لها، بل زاد عليها باعتقال والدتها، لتظل تنتظر حدثاً يعيدها إلى أحضانها.

وأفاد محامي الأسيرة دينا، فادي القواسمة، بأن الاحتلال لم يقدم حتى صياغة هذا النص أي تهمة موجهة لموكلته تقتضي باعتقالها، مؤكداً مواصلته العمل من أجل إخراجها من سجون الاحتلال في أقرب وقت.

بدوره، أوضح مكتب إعلام الأسرى، أن الأسيرة دينا تعرضت لتحقيقٍ عنيف، استمر لساعات طويلة، وبشكل يومي، الأمر الذي أدى إلى فقدانها الوعي أكثر من مرة خلال التحقيق، نتيجة الإرهاق الشديد، فيما مدد الاحتلال اعتقالها عدة مرات، آخرها حتى الثاني من سبتمبر/ أيلول القادم، لحين انتهاء النيابة العسكرية من تجهيز لائحة اتهام بحقها.

وأضاف أنه بالإضافة إلى اعتقال زوجة الكرمي، اعتقل الاحتلال عددًا من النساء من الخليل، وأطلق سراحهن بعد التحقيق معهن وأبقى على خمسة منهن، معتبراً أن ما يجرى بحق نساء الخليل، سياسة متعمدة لخلق حالة من الرعب والخوف لدى الأهالي، ولمنعهم من المشاركة في أي فعاليات ضد جرائمه ومساندة المقاومة الفلسطينية.

أسير وشهيد

ونشأت نعيم الكرمي كان رئيسًا سابقًا لمجلس الطلبة في جامعته، وأمضى في سجون الاحتلال قرابة التسع سنوات في عدة اعتقالات كان آخرها في عام 2004، حيث اعتقلته قوات خاصة إسرائيلية بعد إطلاقها النار عليه وأصابته إصابة بالغة حينها وهو طالب في كلية الهندسة في جامعة الخليل.

ونفذ الكرمي برفقة مساعده الشهيد القسامي مأمون النتشة عملية "بني نعيم"، قتل فيها 4 مستوطنين من خلال تفجير عبوة عن بُعد في 31 أغسطس/ آب 2010.

ونعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الضفة الغربية، القائد الكرمي (33 عامًا) ومساعده القائد القسامي مأمون النتشة (25 عامًا)، عقب استشهادهما فجر 8 أكتوبر 2010بعد اشتباك مسلح مع قوات كبيرة من جيش الاحتلال، استمر 14 ساعة بعد محاصرتهم في أحد المنازل بحي جبل جوهر جنوب الخليل.