تلتقي الفصائل الفلسطينية غدا الاربعاء في القاهرة لمناقشة المقترحات المقدمة حول التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، وخطوة حماس التي ترغب فيها بإطلاع الفصائل على تفاصيلها والحصول على موقفهم منها، وترغب في تحصن نفسها في حال تنفيذ أي اتفاق مع الاحتلال الإسرائيلي، تحت مظلة الإجماع الفلسطيني، وذلك بعد أن وحدت الميدان في ساحة المقاومة في مواجهة الاحتلال كما حدث خلال موجات التصعيد الأخيرة.
تدرك حماس المسؤولية الملقاة على عاتقها خلال هذه الفترة، وإدارتها للمواجهة مع الاحتلال، وكذلك الضغط على السلطة الفلسطينية لإنجاز ملف المصالحة المتعثرة، وينتظره الكثير لتقدمه السلطة في سبيل لم الشمل الفلسطيني وفي مقدمتها رفع العقوبات عن قطاع غزة، التي أدت إلى تدهور خطير في الوضع الإنساني والاقتصادي في قطاع غزة، وفشل كل الجهود التي بذلت من أطراف فلسطينية وعربية في سبيل إقناع محمود عباس برفعها.
الوفود القادمة إلى القاهرة أمامها مهمتان: الأولى هي مناقشة ملف التهدئة مع الاحتلال وهو مسار يقوم على ضرورة تلبية المطلب الأساس برفع الحصار، وتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، بإعادة إعمار وتأهيل قطاع غزة ، والسماح بحرية الحركة للبضائع وللأفراد، وكذلك توفير منافذ للسفر تضمن ذلك، ولا تخضع للاحتلال، وحل المشكلات المعيشية للمواطنين.
اللقاء في القاهرة سيذهب تجاه توفير إجماع فلسطيني نحو ذلك، وهو ورقة قوة في وجه الاحتلال الذي يراوغ في الالتزام برفع الحصار، وسيجد نفسه أمام إجماع فلسطيني يترجم الوحدة الميدانية التي تقاتل في أثناء المواجهات العسكرية، وكذلك التوحد خلف الحراك الشعبي السلمي على حدود غزة الذي يسعى الاحتلال لإيقافه بأي ثمن، في حال راوغ الاحتلال وذهب لمواجهة عسكرية في مواجهة ذلك سيجني فشلًا ذريعًا جديدًا أمام المقاومة التي تذهب لذلك موحدة، وتمتلك الحق المشروع في مطالبها.
المسار الثاني هو في ملف الصالحة الفلسطينية، والتي يبدو مما رشح من معلومات أنها ما زالت متعثرة بسبب تعنت السلطة في التعاطي بشكل إيجابي مع الطروحات المصرية، وإبداء مزيد من الملاحظات على الطرح المصري، وخاصة في ظل حالة التراشق الإعلامي بين الجبهة الشعبية والديمقراطية والمبادرة مع السلطة على خلفية استفراد حركة فتح بمناصب اللجنة التنفيذية واستبعاد حلفائهم، بعد أن حصلت على ما تسميه الشرعية من خلال انتخابات المجلس الوطني الذي شارك فيه القليل من الفلسطينيين قبل أشهر برام الله.
يسعى الاحتلال لخلط الأوراق في المسارين ويضيف لهما مسار الجنود المفقودين بغزة، وهو يدرك أن الضغط والخلط مع الملفات الأخرى سيعوق أي تقدم في التهدئة، وهي قضية وطنية لا يمكن القبول بالتفاوض حولها مقابل احتياجات إنسانية يقع على عاتق الاحتلال الالتزام بها، وضرورة دفع ثمن مقابل ملف الجنود.
الخلط الثاني هو مصدره السلطة التي تريد أن تستأثر بملف المصالحة والتهدئة تحت دعوى أنها الشرعية، وهذا الطرح سيفجر المسارين، إن لم تستدرك مصر خطورة دور السلطة في إفشال الجهود المصرية، فالسلطة التي تساهم في العقوبات على غزة، لا يمكن لها أن تطالب الاحتلال برفع الحصار، والتي تدخل لهذا الملف ضمن الاستثمار الاقتصادي والمالي على صالح معاناة المواطن، وهي التي لا تملك أي رصيد شعبي في هذا الشأن، وفشل تجربتها في إدارة وقيادة ملف التهدئة مع الاحتلال عام 2014.
خلط الأوراق الذي يقوم به الاحتلال وتداخل المسارات الذي تساهم فيه السلطة يعقد من المشهد في القاهرة، ويتطلب جهدا أكبر لإنجاز التهدئة مع الاحتلال وتلبية شروط الفصائل، وإنجاز المصالحة كمسار آخر، قد يحتاج إلى جهد أكبر في ظل حالة الاستئثار والاستفراد والتغول التي يقوم بها عباس كما هو الحصار في اجتماع المجلس المركزي على الرغم من المقاطعة الواسعة له.