فلسطين أون لاين

​"تحضيرية المجلس الوطني". .آمال ومخاوف!!

...

وأخيراً اندلع "الدخان الأبيض"، وقد أنهت اللجنة التحضيرية الخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني أعمالها، وقد توافق الحضور على عقد دورة عادية له استناداً إلى جميع الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الكل الفلسطيني بدءاً بالاتفاق الذي كانت مرجعيته "ورقة الأسرى" في القاهرة في آذار عام 2005، ومروراً باتفاقات الأعوام 2006/ 2007 في القاهرة ومكة، واتفاق القاهرة للمصالحة عام 2011 والدوحة عام 2012 والشاطئ عام 2014.

ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن اللجنة التحضيرية مثّلت جميع القوى تقريباً بمشاركة الأُمناء العامين أو من ينوب عنهم وبحضور حركة المقاومة الإسلامية– حماس، وحركة الجهاد الإسلامي إلى جانب أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

استمرت المباحثات طيلة يومين في العاصمة اللبنانية "بيروت" في مقر سفارة فلسطين، وقد ترأس الاجتماعات رئيس المجلس الوطني السيد سليم الزعنون، الذي تلا في نهايتها البيان الختامي، مؤكداً على ضرورة البدء فوراً بتشكيل حكومة وحدة وطنية، كمقدمة لإنهاء الانقسام ولممارسة الحكومة صلاحياتها كاملة في كل من الضفة الفلسطينية والقدس وقطاع غزة وفقاً للقانون الأساسي، والقيام بسائر المهام الموكلة إليها بموجب اتفاقيات المصالحة، وتوحيد المؤسسات واستكمال إعمار قطاع غزة وحل مشكلاته، والعَمَل الحثيث من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والمجلسين التشريعي والوطني، وهنا فيما يخص المجلس الوطني، حيث يكون الانتخاب ممكناً وإن لم تصبح المشاركة ونِسَبها بالتوافق.

ودعا المجتمعون الرئيس محمود عباس إلى البدء الفوري بالمشاورات مع القوى السياسية من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

اللجنة التحضيرية ستكون في حالة انعقادٍ وبشكل دوري، وقد طالَبَتْ رئيس المجلس باستكمال الإجراءات الضرورية لإنجاز نظام الانتخابات لذلك.

ولا شك أن قراءة نصوص البيان تحمل شارات أَمَلٍ يتمنى جميع الوطنيين أن تتحول إلى واقع فِعلي على الأرض، ولكن التجربة المُرّة تجعل الأغلبية يضعون أيديهم على قلوبهم وهم يعلمون أن المُجتَمعِينَ في العاصمة اللبنانية تجاوزوا عديد التباينات، وأن الشيطان يكمن دوماً في التفاصيل!

ممثلو الفصائل سَبَقَ وأن عَقَدوا اجتماعات ومشاورات وتوصلوا إلى اتفاقات وكانت الأجواء أيضاً إيجابية ومُفْعَمة بأملٍ طافِحٍ ولكن أيّاً منها لم يتم الالتزام به منذ عقد ونيّف، وقد كانت حركة فتح وسلطتها دوماً وراء التأجيل والتعطيل ووضع العِصي في الدواليب!؟، كما أن الجميع يعلم أيضاً أن هناك مُعَوّقات عديدة تتجلّى في استمرار الانقسام بل وصب الزيت على نار انقطاع الكهرباء عن قطاع غزة واستمرار عباس في ابتزازِه لأكثر من مليونيْ فلسطيني وتشديد الخناق على أهله في مواضيع إعادة الإعمار وفي ملفات الصحة والتعليم والمياه والبطالة فقط لأنهم مع المقاومة وضد الاحتلال ولأنهم انتخبوا بأغلبيتهم السّاحقة حركة حماس، الذي يقول اليوم إنه يريد الوحدة معها؟!

فهل يُعقل أن يستمر تَنكُّر حكومة الحمد الله لمعاناة القطاع، وإِبقاء المجلس التشريعي حبيس شَلَلٍ منهجي مُتعَمِّد واستمرار التنسيق الأمني والتفاوض مع العدو في الوقت الذي يكون فيه الحوار مُحرَّماً مع "الأخ الشقيق"!

وكيف يمكن تحت وطأة ذلك تَوَفّر الثقة بتوحيد المؤسسات، وقد خبر الشعب خلال تجارب مُرّةٍ سابقة كيفَ استخدم عباس المباحثات "الوحدوية" لابتزاز حكومة العدو والاستمرار وحيداً وسادراً في غِيّهِ لتحسين شروط التفاوض مع حكومة تل أبيب لا أكثر ولا أقل؟!

ألا يُشَكِّلُ إصرار عباس على عقد دورة المجلس الوطني في رام الله المحتلة عَقَبةً كأداء في جديّة هذا كُلّهِ وهو يَعْلم يقيناً أن مُعظم الفصائل لن تتمكن من المشاركة فيه، في الوقت الذي أَعرَبَتْ فيه الكثير من الدول العربية عن استعدادها لاستضافة هذه الدورة العتيدة.

لهذا كُلِّهِ فإن الشعب الفلسطيني مُطَالبٌ اليوم بِحَشْدِ قواه والتحرك بكل قوة لِفَرْض إرادته على كل من يُعطل وِحْدَتهِ الوطنية ولتحصين قلعته حتى تصبح منظمة التحرير الفلسطينية مَرْجِعيّتُهُ الفعلية ومن أجل انتخاب مجلس وطني في أجواء ديمقراطيةٍ حُرّة ونزيهة يَضَعُ من خلالِه برنامجه السياسي حفاظاً على ثوابتِهِ ومقاومته المُظَفَّرة.

لقد خَسِرْنا تحت وطأة الانقسام الكثير وعلى الجميع استشعار الأخطار الجسيمة المُحدقةِ بنا من العدو الصهيوني وسياسته الاستيطانية المتسارعة وعمليات القتل والتدمير والإبعاد والتي ستتلقى دعماً جديداً وإضافياً من الإدارة الأميركية للرئيس المُنتخَب دونالد ترامب والذي سيتربع على عرش البيت الأبيض بعد فترة وجيزة، وذلك يوم 20 كانون الثاني الجاري وهو الذي وعَدَ بدعوة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للمشاركة في احتفالات تنصيبه رئيساً وَسَيَهديهِ إعلان نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس!

إنها فُرصة وبارقة أَمَلٍ لانتخاب مجلس وطني جديد وذلك لأِوّلِ مرَّة في التاريخ الفلسطيني، يختار فيه هذا الشعب الصامد المرابط مُمَثّليه الحقيقيين، الذين يضعون حقوقَهُ الثابتة المقدسة في حدقات العيون وأرواحهم على راحات أيديهم دفاعاً عن أطهر وطن وهم يقدمون التضحيات العظام، وحتى نَتَقدم دوماً إلى الأمام ونُصَعِّدُ الكفاح ونحرر الوطن.