الاعتداءات الإسرائيلية المتجددة، واستمرار حصار قطاع غزة بشكل خانق، وسفك الدماء بالطريقة التي تمّت أمس، كل هذا يعزز القناعة بأن الاحتلال الإسرائيلي لن يغير جلده، وأن ادعاءاته بالحرص على عدم الذهاب لمواجهة هي مجرد مراوغات، تكذبها جرائمه ضد المواطنين والمقاومين، لاعتقاده وبناءً على تقدير الموقف أن المقاومة لا ترغب بالمواجهة في هذه المرحلة، وهو ما من شأنه أن يؤدي لنتيجة واحدة وحتمية وهي المواجهة الشاملة، وهو يفعل كل شيء للوصول إليها.
جريمة أمس كاملة الأركان ضد موقع كتائب القسام في شمال قطاع غزة، ومسجلة وواضحة تثبت أن الاحتلال آثر ارتكاب الجريمة للضغط على المقاومة بالنار ومفاوضتها بالدماء، وفي ظل وجود المباحثات حول مبادرة للتهدئة بينه وبين المقاومة، وهو لا يدرك أن التفاوض تحت النار وبسفك الدماء كأس سيشرب منها، كما حدث قبل أسبوعين عندما تم قنص جندي له على حدود خانيونس رغم كل الإجراءات والتدابير الأمنية التي اتخذها، وكذلك الحادثة الثانية في خانيونس وأصيب ضابط بجراح خطيرة، ضمن معادلة المقاومة القائمة على الدم بالدم.
من نافلة القول أن هذا الشكل من التفاوض سيضع المقاومة في المقابل أمام اختبار حقيقي نحو الرد، وأن الاحتلال سيزيد من صعوبة الوسطاء هذه المرة، التي بتقديري لن تتمكن من إقناع المقاومة مجددًا بتمرير الاعتداء كما حدث في عدوان الشجاعية الذي ارتقى فيه ثلاثة شهداء، وكذلك اعتداء خزاعة ورفح الذي ارتقى فيه ثلاثة شهداء أيضًا.
الوصول إلى التهدئة في ظل هذه الأجواء سيكون صعبًا، بل يقود نحو الارتطام بالجدار ودخول مرحلة قاسية، بسبب عنجهية الاحتلال وعدم القدرة على كبح جرائمه، وهو اليوم يدرك أن الرد قادم على جرائمه، وقد يكون أقرب للمستحيل تمرير جريمته، لكن في هذه الحالة بالطريقة التي تريدها المقاومة، والوسيلة الملائمة لها، والمكان والزمان القريب المناسب، وهو أشار إليه بيان القسام في رده على ما حدث.
التفاوض الذي يتبعه الاحتلال في هذه المرحلة يقود نحو تصعيد أكبر من المتوقع، وإن تكرر سيقود نحو إفشال كل جهود التهدئة، ويثبت أن ادعاءاته بالحرص على التهدئة كاذبة، ويستغل الحديث عنها لتدبير وتخطيط عدوان جديد، يقوم نحو مواجهة أشمل، وبتكرارها ستكون المقاومة في حل من كل الالتزامات السابقة، وهي تملك اليوم الحق المشروع في الدفاع عن نفسها ووقف حالة الاستنزاف التي يتبعها الاحتلال ضدها خلال الأشهر الأخيرة، سواء بقصف مواقع المقاومة وتدمير مقدراتها، واليوم من خلال استنزاف الدماء، وأتوقع أن المقاومة ستدخل معه في نفس الدائرة لإيقاع الخسائر البشرية في صفوفه، ورفض التفاوض تحت الدماء من طرف واحد فقط، وأن دماء جنوده لا تساوي الرصاصات التي ستطلق عليهم.