يخيم على الأمة العربية الإسلامية صمت رهيب وسكون طويل الأمد، ولا يحركهم الضمير شيئًا تجاه ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتجاه ما يحدث بحق اللاجئين الفلسطينيين وسرقة حقوقهم، في حين يخيم على مظلات المجتمع الأممي تخاذل وتقاعس كبيران تجاه قضية القدس واللاجئين.
لقد أغلق المسجد الأقصى المبارك قبل أيام بالسلاسل، والاقتحامات متواصلة بصورة يومية، إذ منع رفع الأذان وإقامة الصلاةفيه دون أن يحرك أبناء أمتنا العربية ساكنًا، دون أن يثوروا أو ينتفضوا أو يخرجوا في الشوارع، لقد أصبح القدس والأقصى عند العرب في خبر كان، أو خبرًا من الأخبار السياسية العامة التي تأتي ضمن سلسلة الأخبار العالمية، أما ما يحدث في قضية اللاجئين الفلسطينيين، والمؤامرة الكبرى عليهم التي تستهدف شطب حق العودة وإنهاء قضيتهم فإن أمتنا العربية لا تكلف نفسها مجرد الاستنكار لما يحدث بحق اللاجئين، فضلًا عن أنالمبالغ المالية (العجز في ميزانية وكالة الغوث الدولية) التي سببت لها الأزمة وستعمل على فصل الموظفين بسببها وتقليص خدمات اللاجئين؛ هذه المبالغ لا تكاد تذكر أمام ما يصرفه العرب والأنظمة من أموال طائلة على عروشهم، وفي المجون، أو على شراء الأسلحة لاستخدامها لحماية أنظمتهم.
إن ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى المبارك من اقتحامات واعتقالات يومية، ومطاردات للمرابطين من أبناء القدس، والاعتداء اليومي على حرائر المسلمين في باحات المسجد الأقصى المبارك يستدعي من أمتنا العربية الإسلامية صاحبة التاريخ العريق في الرجولة والشهامة والبطولات التحرك لنصرة المسجد الأقصى، والتاريخ يشهد أن القدس والمسجد الأقصى كان لهما مكانة عريقة وأهمية كبيرة عند الخلفاء المسلمين، وعند القادة المسلمين، الذين يعدون الأقصى ذا مكانة عالية وسامية هامة بعد الحرمين المكي والمدني، والاهتمام بالقدس حث عليه النبي (صلى الله عليه وسلم)، وسار الخلفاء الراشدون على سيرة نبيهم المصطفى في الاهتمام بالقدس والأقصى، فنالت القدس في عهد الخليفة عمر الاهتمام، والرعاية الكبيرة جعلته منارة إسلامية شامخة يشار إليها بالبنان، أما اليوم فأمتنا العربية الإسلامية تحيا في سبات عميق، وهي لا تحرك ساكنًا أمام ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى من جرائم خطيرة ومؤامرات خبيثة بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك، أما المجتمع الدولي العاجز المتقاعس عن مساندة القدس وأهلها فهو يغط في تخاذل كبير بخصوص ما يحدث من جرائم صهيونية بحق القدس وأهلها،إن المجتمع الدولي لا يجرؤ على معاقبة الاحتلال الصهيوني أو ملاحقة الجنرالات الصهاينة على جرائمهم بحق القدس والمسجد الأقصى، حتى القرارات الأممية بخصوص القدس لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وحديثًا أعلن الكيان الصهيوني مخططات استيطانية جديدة لإقامة مشروع استيطاني في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، تحت مسمى "مركز تراث يهود اليمن"، في خطوة لتكثيف المشاريع الاستيطانية في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، حيث سينفذ الاحتلال وجمعية (عطيرت كوهينيم) الاستيطانية خلال الأيام القادمة المشروع الاستيطاني في حي بطن الهوى-الحارة الوسطى، الذي سيطر عليه عام 2015م.
ويحاك هذه الأيام على قضية اللاجئين الفلسطينيين مؤامرة خطيرة تستهدف حق العودة، وشطب تاريخهم وحقوقهم وأرضهم التي هجروا منها، وإغلاق مؤسسات (أونروا) ووقف عملها نهائيًّا، بهدف إنهاء قضية اللاجئين، وإغلاق هذا الملف المزعج والمقلق للكيان الصهيوني والمجتمع الدولي.
إن قضية (أونروا) ليست مشكلة ميزانية أو تقليص خدمات، بل المشكلة الأكبر هي حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، وإحكام المؤامرة على حقوق اللاجئين التي كفلتها المواثيق الأممية والشرائع الدولية في العودة والتعويض؛ فقضية (أونروا) ليست قضية موازنة وعجز مالي بل هي أكبر من ذلك وتستهدف اللاجئ نفسه، وتستهدف الثابت والرمز في القضية الفلسطينية؛ فالمطلوب من الأمة العربية التحرك من أجل حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وتوفير الدعم والمساندة لهم، والمطلوب من المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته وواجباته تجاه اللاجئ الفلسطيني، والأوضاع الصعبة التي يحيا فيها بمخيمات اللجوء في الشتات.