فلسطين أون لاين

​الذكاء الاجتماعي.. علاقات ممتدة ومستمرة

...
صورة أرشيفية
غزة- القاهرة/ حنان مطير :

يظن البعض أن الذكاء الاجتماعي هو المرتبط بالذكاء المدرسي فقط، لكن الذكاء أنواع كثيرة فهناك الذكاء الوجداني والانفعالي والاجتماعي.

والذكاء الاجتماعي هو الذي يضع كل أنواع الذكاء في إطارها السليم والشكل الأمثل، وهذا ما يوضحه لـ"فلسطين" الدكتور أحمد هارون مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية.

وبيّن د. هارون أن من يفتقد للذكاء الاجتماعي بإمكانه أن يكتسبه، وأن ما يُورّث فقط هو الاستعداد، وليس كما يقول البعض بأن من يفتقد الذكاء الاجتماعي سيحيا حياته منغلقًا منطويًا متجنبًا للآخرين.

فمن خرج من بيئةٍ سلبية أهلها يفتقدون للذكاء الاجتماعي ليس بالضرورة أن يكون سلبيًا، فقد يحالفه الحظ في المدرسة مثلًا بالتعرف على أصدقاء يمتلكون الذكاء الاجتماعي فيكتسب المهارات منهم.

وعرّف د. هارون الذكاء الاجتماعي بأنه القدرة على تحسين الشخص لوضعه الاجتماعي وسط الناس في معاملات وعلاقات ممتدة ومستمرة بمهارات في الغالب تكون مكتسبة، وكذلك أن تصل للطرف الآخر أيّما كان مستوى قدراته ومهاراته.

فلو أن مُتصلًا شتم ضيفًا على الهواء مباشرةً في مقابلةٍ تلفزيونية أو إذاعية مثلًا، فإن من يمتلك الذكاء الاجتماعي لا يتوتر أو يرتبك من الموقف ويستطيع أنيحسمه ويُظهر أفضل ما عنده وفق د. هارون.

أما مكونات الذكاء الاجتماعي فيوضحها الدكتور هارون في النقاط الثلاث التالية:

  • التفسير:
  • الممارسة:
  • التطوّر:

بمعنى كيف يرى الشخص الأمرَ والأحداث وكيف يدركها، ومثال ذلك، لو أن أحدهم سلّم على آخر وكان الآخر في طريقة سلامه ونظرته على غير عادتِه، فإن الشخص هنا إما أن يفسر هذا التغيُّر بأنه إهمال وتهميش له وما إلى ذلك من أفكار سلبية وهذا هو الشخص الذي يفتقر للذكاء الاجتماعي، أو أن يُفسّر الموقف بطرقةٍ إيجابية أخرى.

إن الشخص الذي يفسر الأمور من حوله بطريقة سلبية هو الذي يعجز عن الاستمرار في إقامة علاقات اجتماعية ممتدة، فطالما كان تفسيره بأن من حوله لا يتقبلونه ولا يحبونه أو يهملونه، أما من يفسر الأمور بإيجابية فإنه سيكون قادرًا على الاستمرار في العلاقات الاجتماعية الممتدة، وفي المثال السابق فإن الشخص الذي يفكر بإيجابية سيمارس بإيجابية أيضًا فيسأل عن سبب التغيّر ويقترح المساهمة في المساعدة فيجعل نفسه ضمن الأدوات المستخدمة للتخفيف عن ذلك الشخص، وهذا هو الذي يمتلك الذكاء الاجتماعي.

لو لم يُطوّر الشخص من نفسه ولم يتعلم المهارات الاجتماعية فإنه سيرى كل يومٍ أناسًا أفضل منه ويتكرّر الأمر كثيرًا، فينعكس ذلك على شخصيته ليصبح متجنبًا للآخرين، مُحبَطًا منسحبًا منعزلًا عن الناس ومن ثم يعاني من الرهاب الاجتماعي لمجرّد التفكير في الظهور أمام الآخرين.

فهناك أشخاص يعانون من القلق الاجتماعي وهم الذين يعطون الموضوع أكبر من حجمه وأكثر مما يستحق، لكنهم عن كانوا يمتازون بالذكاء الاجتماعي فغن القلق الاجتماعي سيقلّ، ولو كان مصابًا بأعلى درجات الرهاب الاجتماعي فإنه سيشفى من خلال تنمية مهاراته الاجتماعية التي خُلِق بها ولكنه لا يعرفها، فالفرق بين الناجح وغير الناجح أن الناجح يستغل قدراته ويُظهرها مهاريًا أما الآخر فلا يفعل.

وأوضح د. هارون أن من يمتاز بالذكاء الاجتماعي يتصرف بذكاء مع كل فئات المجتمع على اختلاف أجناسهم ودياناتهم وأهوائهم وميولهم وتفكيرهم ومعتقداتهم.. إلخ، ويستوعبهم جميعًا.

وهناك أشخاص يقيمون علاقات وروابط فقط مع من يتفق معه في الميول والأهواء والمعتقد وما إلى ذلك، ويبرز هذا كثيرًا على شبكات التواصل الاجتماعي، وأشخاص لا يوافقونه الرأي فيكون ضدهم في كل شيء فلا يتخالط معه ولا يتعامل معهمفيكون مصدر معلوماته فئة محدودة من الناس، وهذا لا تتطور علاقاته ولا تمتدّ فهو شخص يفتقر للذكاء الاجتماعي.

التدريب على المهارة الاجتماعية كالتدريب على قيادة السيارة، إنه تدريب وتعليم على كيفية إدارة الموقف وهذا يؤثر على حياة الفرد بالإيجاب، فلو أن أحدًا أزعجك بتدخلاته في خصوصياتِك واقتحامه لحياتك فإن التدريب على المهارة الاجتماعية يجعلك قادرًا على التعامل مع هذا الشخص وإيقافه عما يفعل أو يريد دون ان تشعر بتوتّر وعصبية وكدر.