شهدت الساعات الأخيرة تسريبات على مدار الساعة بين غزة والقاهرة و(تل أبيب)، عن مبادرة وشيكة واتفاق نهائي ومبادرة دولية لحل أزمة غزة، وقرب طي صفحة التوتر الأمني الناشب فيها.
ورغم خروج بنود محددة بعينها حول تلك المبادرات المزعومة، بل ووضع جدول زمني لها، وتوزيع للمهام على الأطراف الشريكة فيها، لكنها لم تكتسب تلك الجدية اللازمة لدى دوائر صنع القرار ذات العلاقة: الفلسطينية والإسرائيلية والإقليمية والدولية.
فالمبادرات التي جرى الحديث عنها في الساعات الأخيرة لم تأت على ذكر "القضايا اللباب" الجوهرية في الأزمة القائمة أصلا بين المقاومة والاحتلال، سواء ما تعلق منها بمطالب نزع سلاح غزة، أو إبرام صفقة تبادل أسرى، وأي اتفاق لا يشملهما من ناحية الاحتلال الإسرائيلي فهذا يعني أننا أمام حلول ترقيعية، ليس أكثر.
لقد ربطت (إسرائيل) أي جهود لتخفيف حصار غزة، وإعادة إعمارها، بنزع سلاح المقاومة، وبعد أن تبدى أن هذا شرط تعجيزي، وغير قابل للتطبيق، فقد تراجعت خطوة للوراء، ليصبح مطلبها عدم تنامي قدرات المقاومة التسليحية، ووقف تهريب للوسائل القتالية، لكن المبادرات "المسربة" لم تأت على ذكر هذه القضية المتفجرة.
كما أن الشرط الإسرائيلي المعلن صباح مساء بأن أي تسوية مع غزة لابد أن تشمل طي صفحة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في غزة، باعتبار أن بقاءهم أسرى لدى حماس يعني أن حرب غزة الأخيرة 2014 لم تطو صفحتها بعد، وبالتالي فإن عدم التطرق لهذه المسألة، ولا الإتيان على ذكرها حتى، لا من خلال صفقة تبادل أو تسهيلات إنسانية، فهذا يعني أننا أمام مبادرات لا تعبر عن المنطوق الإسرائيلي.
أكثر من ذلك، فإن المطلب الإسرائيلي والدولي والأمريكي بأن تنفيذ أي خطوات إنعاشية للوضع الكارثي في القطاع مرهون بتواجد السلطة الفلسطينية، المعترف بها، في غزة، يعني أن ذلك يجب أن يسبقه مصالحة بين فتح وحماس، وفي ظل تعثر هذه المصالحة، بسبب تلكؤ السلطة الفلسطينية في قبول الورقة المصرية الأخيرة، فهذا يعني عدم عودة السلطة إلى غزة، أي عدم وجود عنوان "شرعي" من وجهة نظر (إسرائيل) والمجتمع الدولي، يعني عدم تنفيذ تلك المشاريع الإنسانية.
هذه ملاحظات سريعة حول المبادرات المزعومة، في جانبها الشكلي وليس المضمون، مما يشير إلى أننا أمام أفكار إسرائيلية إقليمية دولية حول حل مطلوب لأزمة غزة، يمكن اعتبارها مسودات أولية، قابلة للنقاش والأخذ والرد، والاستماع إلى مواقف الجهات ذات العلاقة، جميعا ودون استثناء، دون تصويرها على أنها مبادرات اللحظة الأخيرة في مرحلة ما قبل الانفجار.