فلسطين أون لاين

​بين الطَموح و"الوصولي" فرق..فـ "التنفّع"وسيلةٌللثاني

...
صورة تعبيرية عن الطموح
غزة - مريم الشوبكي

في حياتنا العملية، نضطر إلى التعامل مع أنماط مختلفة من الزملاء، ومع الوقت نكتشف الكثير من صفاتهم؛ وبالتالي من الضروري أن نبحث في كيفية التعامل معهم لتفادي أي مشاحنات أو مشاكل تؤثر على مواصلة العمل لاحقًا، ومن تلك الأنماط "الشخصية الوصولية" والتي يُطلق عليها أحيانا "الانتهازية"، والبعض قد يخلط بينه وبين الموظف الطَموح، رغم وجود فروقاتٍ كثيرة بين الشخصيتين، فهما لا تتشابهان مطلقا.

ويُعرِّف علماء النفس الشخص "الوصولي" بأنه من يعمل على تحقيق أهدافه وغاياته وحاجاته بمختلف الوسائل غير المشروعة والبعيدة عن القيم والمبادئ والأخلاقيات، مطبّقًا مبدأ النفعيّة ومستغلاًّ علاقته بالآخرين للوصول إلى ما يريد، أو لتحقيق الامتيازات من دون أي مجهودٍ أو تضحية.

"الوصولي" غالباً ما تجده يتقرب من رؤساء العمل للوصول إلى أهدافه، لذلك يجب التعامل معه بحرص شديد لأنه قد يصل إليهم على حسابك.

منصبٌ لا تستحقه

"هناء" احتكاكها ببيئة العمل جعلها تتعرف على أنماط من الشخصيات كانت تجهلها، الأمر الذي أوقعها فريسة بعض زملائها؛ بسبب غاياتهم غير السليمة في العمل واستغلالهم لحسن نيتها ومبدأ الزمالة الذي تنتهجه.

وقالت هناء التي تعمل محاسبة في إحدى المؤسسات الخاصة لـ"فلسطين": "احتكاكي بالآخرين أنضجَ شخصيتي، وجعلني أعرف طبيعة الشخص الذي أمامي من طريقة كلامه وسلوكه معي، وصرت أكثر حذرا في تعاملي مع زملائي حتى أتأكد من طبيعة شخصياتهم، لأني لُدِغتُ ذات مرة من إحدى زميلاتي التي كانت تنقل ما يدور بيننا إلى المدير لتتقرب إليه وهذا أدخلني في مشاكل معه جعلته يُعاديني وينقلني من عملي الذي كنت بارعة فيه إلى عمل آخر لا أحبه".

وأضافت: "فجأة، وصلت تلك الزميلة إلى مرتبة عليا في العمل، رغم أنها لا تملك الكفاءة التي تؤهلها لمنصبها الجديد، بل كانت تعلو على أكتاف زملائها وزميلاتها، مستغلة أيضا شخصية مديرها الذي يميل إلى سماع كل ما يُقال عنه وعن موظفيه داخل المؤسسة، ويستجيب لكل من ينقل له الكلام دون أن يوقفه عند حدّه".

ذكيٌ ولكن..

فيما رأت "ديانا أن الشخص الوصولي ذكي، ولكنه يستغل ذكاءه في أعمال خبيثة، ويعرف كيف يصل إلى مراتب عليا دون بذل أي جهد، ويكتفي بأن يمجّد مديره دون كلل، ولا يتوقف عن التفوه بكلام معسول له.

تحدثت ديانا لـ"فلسطين" عن تجربتها مع زميلها الوصولي: "في المؤسسة التي أعمل بها زميل لسانه يقطر عسلا، من يتعامل معه ينخدع به، ويصدقه، ولذا فهو يدخل القلب بسهولة، ومع ذلك حذّرتني منه بعض زميلاتي ممن هن أقدم مني في العمل، ولكني لا أحب التعامل مع الأشخاص وفق ما يقوله الآخرون عنهم".

وأضافت: "لا أنكر أنني بقيت على حذر في التعامل معه، حتى جاء اليوم الذي حدثت فيه مشكلة بينه وبين زميلة أخرى كانت صديقة لي، حينها حاول أن يوقع بيني وبينها، مدعيا أنها قالت عني أشياءً مغلوطة، وحاول أن يقنعني أنها لا تحب الخير لي، ولكني أدركت أنه يحاول الإساءة إليها كردٍ على الخلاف الذي بينهما، ولكي يحافظ على مكانته كرئيس للدائرة التي نعمل فيها، ولذا لم أستجِب لادعاءاته، وأكدت له أنني أحبها بكل الأحوال، فجن جنونه وزاد حقده عليّ، وحاول أن يدبر لي مشاكل فيما بعد".

انتهازي

وعن الطَموح والوصولي، بين رئيس مجلس إدارة مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات الدكتور درداح الشاعر، أن الشخص الوصولي هو صاحب شخصية انتهازية تستغل نقاط ضعف الآخرين، ويسعى للاستفادة من بعض المواقف التي تعود بالفائدة عليه، وليس على المؤسسة أو الزملاء، ويعمل على تحقيق ما يريد على حساب القيم والأخلاق والصداقات.

أما الشخص الطَموح، كما أوضح الشاعر لـ"فلسطين"، فهو الذي يحدد هدفه ويسعى إلى تحقيقه بنفسه دون أن يستغل الآخرين ودون الإضرار بهم، ويصل إلى هدفه بناء على الخطة التي وضعها وما يمتلك من قدرات.

وأشار إلى أن الوصولي يستخدم أسلوب الإطراء والمديح الذي لا مبرر له، ويستغل المناسبات للتقرب إلى الرؤساء ومدراء العمل، أو يستغل حالتهم المرضية أو ضعفهم ليتودد لهم.

ونوه الشاعر إلى أن الشخصية التي تقع في شباك الوصولي هي التي يستهويها المديح والإطراء، بحيث يسهل التأثير عليها بالكلام الطيب، أما الشخصية الموضوعية والجادة فلا يستطيع الوصولي التقرب إليها.

وعن طريقة التعامل الأفضل مع الشخص الوصولي، أكد الشاعر أن التعامل معه يكون بتجنب توجيه الكلام المباشر له، وتوضيح مضار بعض الشخصيات الانتهازية وحثّه على السلوكيات الجيدة بطريقة لبقة، وكذلك التحدث معه بوضوح بأن الإنجاز يكون بموضوعية ونزاهة وليس بالأساليب الرخيصة، لافتا إلى أن هذا الفرد يكون منبوذا ومرفوضا اجتماعيا، وأساليبه لا تنطلي على الجميع.

ونبه الشاعر إلى أن مخاطر الزميل الوصولي على المؤسسة تتمثل في أنه يسعى للوصول إلى مراكز عليا لا يستحقها دون كفاءة.