أطلق قطاع غزة في 30 من مارس، شرارة مظاهرات أسبوعية ترمي إلى رفع الحصار غير القانوني المفروض على القطاع، وبحسب منظمات حقوق الإنسان، فإنَّ المسيرات كانت سلمية، إلا أن نيران جيش الاحتلال الإسرائيلي أسفرت عن استشهاد أكثر من 150 مواطن وإصابة أكثر من 3,700 آخرين، ما حدث عند السياج الفاصل لقطاع غزة يرتقي إلى مستوى جرائم الحرب نتيجة استخدام جيش الاحتلال القوة الغاشمة ضد المتظاهرين السلميين.
لقد نجح أهالي غزة في إسماع العالم صوتهم المُطالب بحق العودة ورفع الحصار المفروض عليهم منذ 12 عامًا، مستخدمين طائرات ورقية وبالونات حارقة، ما أدى إلى حالة ذعر وتخبط مستمرة في صفوف الاحتلال، عبر الوسائل التي ابتكروها للفت أنظار العالم لمعاناتهم خلال مشاركتهم في مسيرة العودة الكبرى السلمية.
أعتقد أن الكيان الصهيوني في ظل الظروف المحلية والدولية، وبهدف نسف القضية الفلسطينية، سيسعى إلى تحويل قطاع غزة إلى دولة فلسطينية صغيرة مستقلة تتمتع بسيادة منقوصة، لأنه لا يرد أن يتحمل "أعبائها" كذلك دولة مصر، أما فيما يتعلق بالضفة الغربية، سيواصل الاستيطان الإسرائيلي ابتلاعها لضمها بشكل كامل تحت وصايته، والقدس يرى الكيان الاسرائيلي أنها عاصمته المزعومة وسيواصل في تشديد القبضة الأمنية عليها.
يرى البعض أن المستقبل القريب سيحمل معه تغييرات غير مسبوقة في قطاع غزة، وهي تغييرات لن يختارها شعب غزة بإرادته الحرّة، بل سيقرّرها لاعبون إقليميون ودوليون، إلا أن غزة تأبى إلا أن تكون هي صاحبة القرار في تحديد حاضرها ومستقبلها، غزة الحرة الأبية لا تقبل الإملاءات الخارجية ولا المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية.
أحداث الأيام المقبلة ستقرر الوضع في غزة، فإما استمرار للمعاناة والحصار والدمار، أو الانعتاق والتحرر من حقبة الحصار والتجويع والعقوبات المفروضة على غزة بمشاركة محلية وإقليمية ودولية.
شعبنا الفلسطيني في غزه دفع ثمن حريته وما زال يدفع من دماء أبنائه على مرّ السنين، رغم صمت العالم العربي والمجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنًا، لذا لن يكون حكم التاريخ متسامحًا مع هذا العالم.