تتحفنا المقاومة في كل فترة بمفاجأة تجعلنا ننسى ما قبلها. ومفاجأة المقاومة هذه المرة لم تعلن عنها هي بل أعلن العدو الصهيوني عنها بعد أن فاجأته هو في عقره. إعلان العدو أن المقاومة قد اخترقت مئات الهواتف النقالة التابعة لجنوده وضباطه , ما يعتبر إضافة نوعية لجبهة جديدة فتحتها المقاومة كانت فيما قبل مغلقة أو حتى مستحيلة. إن قدرة المقاومة وادمغتها الإلكترونية على اختراق (الجاسوس المرافق لكل انسان) يعتبر اقتحاما جديدا لمجال جديد وهو جمع المعلومات الفردية والشخصية لملفات الجنود الصهاينة سواء من المجندين الالزاميين أو من الاحتياطي. الحصول على هذه المعلومات مهم جدا من حيث الحدث التكنولوجي نفسه ومن حيث المعلومات المختلفة التي يتم الحصول عليها ومن حيث النتائج المترتبة على هكذا معلومات.
إذن هي جبهة جديدة بعد اختراقات السايبر السابقة واختراقات البحر وطائرات بدون طيار وعقدة الأنفاق المعقدة التي دوخت الجيش والأمن والاستخبارات والمستوطنين. لم تقف هذه الاختراقات هنا بل تجاوزت ذلك نحو ما هو أعمق استراتيجيا وحضاريا وتاريخيا وجغرافيا وتكنولوجيا وشعبيا وجماهيريا وهو ما كشفت عنه المقاومة منذ حوالي شهر بعد استشهاد التونسي محمد الزواري والذي فتح بابا من أبواب جهنم على الصهاينة, الأمر الذي جعلهم يلاحقونه في بيته وبلده.
يضاف إلى ذلك أن هذا هو ما كشف عنه الاحتلال أو ما استطاع كشفه؛ الأمر الذي يعني أن هناك أمورا أخرى لم يكشف عنها الاحتلال وقد يكون اكتشفها. ولا ينبغي أن ننسى ما لم تكشف عنه المقاومة أكثر بكثير وكما هو متوقع مما نشره الصهاينة أي أنه لا يزال في جعبتها أضعاف مضاعفة من العمليات والمعلومات التي لا زالت في طي الكتمان.
عمليات اختراق الحواسيب أو الهواتف النقالة أو أي أجهزة أخرى قابلة للاختراق هي عمليات لا تدرس في الجامعات أو المدارس بل هي ابتكارات فردية يقوم بها الآلاف من الشباب المتعطش للهجوم على العدو في حرب تكنولوجية معلوماتية كل التقديرات تشير إلى أنها لم تبدأ بعد. الشباب العربي بعد استشهاد الزواري هو غيره قبل استشهاده؛ فلقد فتح الشهيد لهم أبوابا جديدة ولا شك انهم يمتلكون ما هو أجد منها في عالم التكنولوجيا أو المعرفة أو الإعلام الاجتماعي وغير ذلك الكثير.
الفضاءات المختلفة مليئة بالثغرات التي يتقن الشباب الثائر اكتشافها بل ويتقن استخدامها مرات ومرات قبل اكتشافها. هناك مئات الفضاءات الإلكترونية التي لم تستخدم بعد وهناك مثلها وأكثر لم يكتشف بعد. فكلما عظم هذا العالم تكنولوجيا ومعرفيا ومعلوماتيا صغر, وكلما زادت القدرة على اختراقه بأساليب قد تستعصي على الاكتشاف فترة من الزمان حتى ابتكار غيرها. وهي هنا حرب مستمرة بلا نهاية لكنها من المؤكد أنها سوف تكون لها من النتائج المبهرة ما لا يتوقعه حتى عباقرة الإلكترون.
وما زال الطريق طويلا و شاقا في حرب الفضاءات وحرب الأدمغة فالعقلية التي أخذت على عاتقها تحقيق النصر قد حققت ثقتها بالله أولا وبذاتها وبشعبها ثالثا وبأمتها رابعا ستبقى سالكة طريق الحرية التي عبدت جزءا مهما منه بدمها وعبقريتها وبذلها وعطائها.