لم تتورع إدارة أحد المواقع الإلكترونية الفلسطينية المشهورة في نشر مادة سامة بعنوان "حماس تكمن في التفاصيل". في الوقت الذي ننتظر فيه معرفة النتيجة الأولية لجهود المصالحة التي تبذلها القيادة المصرية، فمن العيب أن تسمح تلك " الوكالة" لمخربشين ومخربشات لم نسمع بهم من قبل، وقد عرفوا أن شتم حماس والتطاول عليها كتشبيهها بالشيطان الذي يكمن في التفاصيل هو طريق سهلة للظهور الإعلامي دون أي التزام بشرف الخصومة السياسية.
في الأيام الأخيرة كثر الحديث عن ضرورة عودة حماس عن " انقلابها " في غزة ونحن نعلم أنه حدث انقسام واقتتال داخلي وفرقة وأشياء رهيبة بحاجة إلى عمل كثير وإعادة إصلاح بالمصالحة، ولكن على ماذا انقلبت حركة حماس ؟؟ الرئيس مكانه ولم ينقلب عليه أحد، والحكومة كانت تقودها حماس والمجلس التشريعي المنتخب غالبيته من حماس، فعلى من انقلبت حركة حماس؟ وكيف ستعود عن انقلابها؟ وأتمنى أن أجد جوابا في الأيام القادمة عن هذه التساؤلات من الإخوة الذين يكثرون من ترديد تلك الجملة وخاصة من المتحدثين الرسميين.
إن من أهم مستحقات المصالحة نسيان ما سبق تحضيرا لبداية جديدة، ولذلك عندما يتحدث قيادي عن الحكومة بأنها جوعت الشعب وظلمته وعاقبته .. إلخ ، فهذا يعني أنه لا يريد مصالحة، وعندما يتحدث قيادي آخر أنه لا بد من وجود ضمانات بالتزام حركة حماس، وأن ما تقوله لا أساس له من الصحة رغم أن أقواله هي التي لا أساس لها من الصحة فهذا يعني أنه أيضا لا يريد المصالحة ، فإذا كانت أصوات تخرج من طرفي الخصومة تتناقض مع السعي الحثيث للمصالحة، فما الذي يمكننا أن نفهمه؟؟ من أراد المصالحة لا بد أن يوفر الأجواء المناسبة لها.
في النهاية، أعتقد أن المصالحة ممر إجباري لا بد من إتمامه، إجباري بالنسبة للفلسطينيين وإجباري أيضا لأطراف تخشى من تفجر الأوضاع داخل فلسطين وخاصة مع قطاع غزة، ولذلك أميل إلى التفاؤل في إتمامها حتى لو اعترضتها بعض العراقيل، فهي بالنسبة للأطراف الخفية "أخف الضررين"، وهي بالنسبة للشعب الفلسطيني ضرورة ملحة لا بد من الإصرار على إنجازها، ولكن العراقيل تظهر لحاجة أطراف معينة لتحقيق المزيد من المكاسب في اللحظات الأخيرة حتى ولو على حساب مصالح المواطنين والقضية الفلسطينية.