تلقى أصدقاء الشعب الفلسطيني جميعًا قرار مجلس الأمن رقم (2334) بالتأييد له، خصوصًا أنه صدر ضد الاستيطان، لكن هذا القرار على أهميته من الناحية السياسية لا يعدو كونه مجرد حبر على ورق ما لم يستخدم الاستخدام الأمثل فيما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني؛ فهذا القرار سبق بعدد من القرارات التي لم تطبق على أرض الواقع، منها القرارات الدولية ذات الأرقام (242، 252، 298، 446، 465)، لكن الكيان الصهيوني لم يدفع ثمن الانتهاكات الإنسانية والحقوقية والأخلاقية بحق الشعب الفلسطيني، ولا تزال اعتداءاته وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني تزداد يومًا بعد يوم؛ فسلوك القيادة الصهيونية لا يزال مستمرًّا في السطو على حقوق الشعب الفلسطيني، ومن جملة الاعتداءات العنصرية قانون التسوية الصهيوني "شرعنة الاستيطان"، وقانون منع الأذان.
إن القرار (2334) لم يتخذ تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، ما يعني أنه لا يترتب على عدم تطبيق الكيان الصهيوني له أي عقوبات أو خطوات دولية بموجبه، ولكن يمكن استغلاله في توسيع بقعة المقاطعة الدولية للمستوطنات من الناحيتين الاقتصادية والأكاديمية وغيرهما، ما سيلحق أضرارًا بالكيان الصهيوني، ويظهره على حقيقته أنه كيان احتلال يستغل أراضي فلسطين المحتلة، ويعزز صورته غير الأخلاقية في تعامله مع الشعب الفلسطيني وحقوقه.
إن ما يخشاه الكيان الصهيوني بعد القرار (2334) هو الإجراءات التي يمكن أن تأتي بعد هذا القرار، خصوصًا من قبل المحكمة الجنائية الدولية؛ فسبق أن فتحت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بتسودا تحقيقًا أوليًّا بشأن المستوطنات الجاثمة على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وفي الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة عام 2014م بضغوط من اللوبي الصهيوني أعلنت بتسودا أنها لن تفتح تحقيقًا جنائيًّا كاملًا دون توضيح أساسي من مجلس الأمن الدولي، والآن جاء القرار (2334) ليقدم سببًا قويًّا لكي تفتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا كاملًا بهذه الانتهاكات والاعتداءات.
لابد للقيادة الفلسطينية التي أصبحت تمتلك عضوية في المحكمة الجنائية أن تطرح بقوة فتح تحقيق، مستندة إلى قرار مجلس الأمن (2334)، لأن الظروف التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني اليوم تحت الاحتلال الصهيوني أشد وأصعب من ذي قبل، والانتهاكات الصهيونية المتزايدة بحاجة لردود تردع تغوله على الشعب الفلسطيني.
إن الإعدامات الصهيونية التي تطال المدنيين الفلسطينيين، واحتجاز جثامين الشهداء، وفرض غرامات مالية كبيرة على الأسرى؛ كل ذلك يجعل الشعب أكثر إيمانًا بانتفاضة القدس انتفاضة شعبية في مواجهة كل هذه الانتهاكات الصهيونية، لقد أثبتت انتفاضة القدس أنها ضمير الشعب وصرخته في وجه الاعتداءات الصهيونية المتلاحقة بحق الشعب الفلسطيني، وإزاء ذلك الإيمان الفلسطيني لابد من التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، وملاحقة قادة الاحتلال وجنوده بوصفهم مجرمي حرب.