فلسطين أون لاين

المصالحة والكهرباء وما بينهما



د.عصام شاور

حتى كتابة هذه السطور والأخبار التي تردنا من بيروت تبشر بخير، وأن الأجواء التي تسود الحوار بين الفصائل الفلسطينية إيجابية، ونحن نعرف أن الهدف من اجتماع بيروت هو وضع النقاط على الحروف لطي صفحة الانقسام، ولكن إيجابية بيروت يقابلها سلبيات كثيرة داخل فلسطين تتسبب فيها فصائل مشاركة في بيروت.

عندما تخرج علينا فضائية فلسطين التي تديرها السلطة الفلسطينية بمانشيت يلمز بالمقاومة وأنفاقها تحت ذريعة أن غزة تعيش في ظلام دامس, فهذا يعني وجود نوايا لتوتير العلاقات بين فتح وحماس، وعندما يتهم وليد العوض عن حزب الشعب المسؤولين في غزة بقطع الكهرباء من أجل تمرير صفقة "الطاقة البديلة" فهذا دليل على مشاركة حزب الشعب بحملة التحريض, ثم يأتي تنظيم آخر في محاولة يائسة للتحريض بذريعة أزمة الكهرباء, ندرك أن هناك شبه اتفاق بين العديد من التنظيمات لإثارة الشارع الفلسطيني في قطاع غزة في الوقت الذي ننتظر فيه انفراجة قد تؤدي إلى إنهاء الانقسام وبالتالي إلى إنهاء أزمة الكهرباء التي تسببت فيها أطراف كثيرة من خارج غزة ولا تخفى على الشارع الفلسطيني.

من حق الجماهير أن تحتج بشكل حضاري وغير مسيس على أي ظلم يلحق بها, ولكن أن تستغل حاجات الناس بطريقة سياسية غير شريفة فهنا يقع المحظور، وأنا أعتقد أن التوتر الحاصل في هذه الفترة بالذات هو محاولة لإفشال حوار بيروت، فبعض الفصائل شعرت بالإحراج الشديد من موافقة حماس غير المتوقعة لحضور اجتماع بيروت والمشاركة فيه, والمتضررون من المصالحة كثيرون وكل يعمل بطريقته لإفشالها.

ولأن محاولات التحريض الداخلي كلها ستبوء بالفشل فإنني أتوقع أن يبدأ وضع العصي في عجلة المصالحة من داخل اجتماع بيروت، ورغم الإيجابية التي يتحدثون عنها فقد سمعنا مَن يدعو إلى استمرار المجلس الوطني الحالي بالقيام بأعماله بذريعة أن الظروف لا تسمح بإجراء تغييرات جوهرية عليه، ولا بد أن "برنامج منظمة التحرير" سيكون من العوائق الكبيرة التي ستواجه المتحاورين، وكذلك تشكيل حكومة الوحدة الوطنية سيواجه بالاشتراطات ذاتها، وقد تتلبد الأجواء في اللحظات الأخيرة كما هو مصير كل جولات الحوار ولكن المتسبب هذه المرة بالفشل سيكون مكشوفًا للجميع, وأتمنى أن أكون مخطئًا وأن تهلّ علينا البشائر من لبنان.