فلسطين أون لاين

الزيارات الدولية المستمرة لغزة.. استكشافية لم تصدع جدران الحصار بعد!

...
​غزة/ يحيى اليعقوبي:

على مدار أربعة أعوام زارت العديد من الوفود الدولية، قطاع غزة، للاطلاع على الأوضاع فيه، ودراسة مدى إمكانية التدخل لتحسين الأوضاع الصعبة الاقتصادية والمعيشية.

وخلال هذه الفترة فرضت السلطة في رام الله عقوبات على القطاع، وتحديداً في إبريل/ نيسان 2017، ما أدى إلى تدهور الوضع أكثر، ورغم توقيع اتفاق المصالحة في 12 أكتوبر/ تشرين أول الماضي في القاهرة بين حركتي فتح وحماس إلا أن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية وحتى السياسية فيما يتعلق بطريقة إدارة القطاع بقيت على حالها بل ازدادت سوءاً.

ومع ذلك بقيت زيارات الوفود لغزة مستمرة، إلا أنه لم تحدث أي نتائج لها، وبقيت في إطارها الاستكشافي، وسط اتهامات فلسطينية بأن بعضها يحمل أهدافاً سياسية تتساوق مع الرؤى الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية.

دون نتائج

مدير العلاقات العامة والإعلام بالغرفة التجارية د. ماهر الطباع، يقول إن كل الزيارات السابقة كانت بروتوكولية لم تساهم في تحسين الأوضاع لا الاقتصادية ولا المعيشية في غزة، ولم يكن هناك تدخلات بالحجم المطلوب، مشيراً إلى أن المؤشرات الاقتصادية الموجودة في ظل ارتفاع نسبة البطالة لنسبة هي الأعلى عالمياً، مؤشر على عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية، فضلا عن زيادة نسبة الفقر.

وأضاف الطباع لصحيفة "فلسطين" أن زيارات الوفود لم تحقق نتائج إيجابية لا على صعيد تخفيف الحصار، ولا على صعيد إعادة الإعمار مع إبقاء العمل في إدخال مواد البناء وفقاً لآلية (GRM).

وعزا أسباب عدم حدوث نتائج للتدخلات الدولية، إلى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بالإضافة لاستمرار الحصار المفروض على القطاع، وعلى حركة الصادرات والواردات من البضائع مما أدى لعزوف المانحين عن ضخ أموال على القطاع، نتيجة عدم إتمام المصالحة، فضلاً عن عدم إيفاء المانحين بأموال التعهدات خلال مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة إعمار غزة عام 2014، خاصة أن هناك أموالاً لم تصل.

وتطرق الطباع إلى واقع الإعمار في غزة، بأن التقدم الوحيد الذي حدث في قطاع الإسكان وإعمار البيوت المدمرة كلياً التي بلغت 11 ألف وحدة سكنية مدمرة، أعيد إعمار 77% منها فيما لا يوجد تمويل لـ2500 وحدة سكينة مدمرة، كما لم يتجاوز التدخل للمنشآت الاقتصادية عن 16% من حجم الخسائر.

مرتبطة بـ"الصفقة"

الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يرى أن موضوع زيارات الوفود مرتبط بـ"صفقة القرن" من ناحية، وبالانقسام الفلسطيني من ناحية أخرى لأن العالم الخارجي يتعامل مع السلطة الفلسطينية، وأن الاحتلال لديه حساباته فيما يتعلق بإبقاء الحصار ومنع تحقيق المصالحة.

وقال عوكل لصحيفة "فلسطين" إن كل هذا يأتي في إطار خطة يحركها مايسترو أمريكي سيأتي وقتها لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية المحتلة، وتهيئة غزة ليكون الكيان الفلسطيني القادم، مشيراً إلى أن أمريكا أعلنت خلال الفترة الأخيرة أنها ستجمع مليار دولار لتحسين الوضع في غزة وهنا يختلط الجانب الإنساني بالسياسي.

وأضاف أن غزة بانتظار أن يتحسن الوضع الإنساني والاقتصادي إما عن طريق المصالحة، أو من خلال المؤسسات الدولية في ظل وجود مساع دول أوروبية وغير أوروبية تريد من غزة الخروج من دائرة الحصار.

لكن أمريكا، وفق عوكل، تريد تحسين الأوضاع بغزة من أجل فصلها وتنفيذ الفصل الأخير من "صفقة القرن"، والضغط بهذا الاتجاه، متوقعاً أن يحدث انفراجة للأوضاع خلال نهاية العام.

ورأى عوكل أن أمريكا هي من تحرك الوفود الدولية لتنفيذ سياساتها، بسياسة التدريج في محاولة أمريكية للحصول على قبول من السلطة بـ"صفقة القرن".

ضغط عكسي

من جانبه، قال المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، داود شهاب، إن "البعض كان يعتقد أن بمقدوره أن يضعنا ويضع غزة تحت وقع الضغط المستمر، لكن الإبداع في فكرة مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار أنها خلقت ضغطاً عكسياً على كل الأطراف التي بدأت تتحرك في كل اتجاه من أجل البحث عن حلول للمشاكل التي خلفها الحصار"، مشدداً على أن العالم لن يرى من غزة إلا مزيداً من القدرة على الفعل.

وأضاف شهاب لصحيفة "فلسطين"، أن السلطة الفلسطينية تتحمل مسؤولية كبيرة عن مآلات الأوضاع الحياتية والإنسانية في غزة، وأن السياسة التي تنتهجها أحد الأسباب التي أحدثت تدهوراً كبيراً على صعيد الوضع الإنساني وأثرت كثيراً على حياة الناس.

ونبه إلى أن السلطة التي تتخلى عن غزة لصالح أجندات تتعارض مع المصالح الوطنية العليا لن تنجو أبداً من المخططات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، مردفاً: "لذلك على تيار السلطة أن يدرك أن عليه الانخراط مع الشعب الفلسطيني في التصدي لتلك المخططات ومواجهتها، والانخراط المطلوب في المواجهة ليس بالكلام والأقوال وإنما بالأفعال على الأرض".

وحذر شهاب من التعامل مع غزة المحاصرة كحقل اختبار، وتكون الزيارات للوفود المختلفة زيارات استكشافية لمعرفة مدى استجابتها للضغوط المختلفة، قائلا: "يجب أن يكون واضحاً لجميع من جاؤوا إلى غزة، أن هناك فرقاً كبيراً بين أن تتعاطى بثقة وحكمة مع المتغيرات والمستجدات المحيطة، وبين أن تخسر الخيارات وتعدم الوسائل".

وتابع "نحن كفلسطينيين وكمشروع مقاومة لم نعدم الوسائل والخيارات في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه القضية الفلسطينية، ولن نسمح بتمرير أي تنازل يتعلق بحقوقنا وثوابتنا وفي مقدمتها الحق الكامل في كل ذرة من أرض فلسطين المباركة".

وأكمل شهاب "على تلك الأطراف أن تدرك أنه لن يكون بمقدورها أبداً إزاحة الموقف الفلسطيني المقاوم باتجاه تقديم أي شكل من أشكال التنازل، لأن ذلك سيدفع فصائل المقاومة إلى ممارسة مزيد من الضغط بخيارات مختلفة".