فلسطين أون لاين

​رانيا المقيّد تحوز معدل 96% بعد انقطاع 12 عامًا

...
غزة - هدى الدلو

بعد 12 عامًا من الانقطاع عن سلك الدراسة والتعليم، عادت بكل همة وجدارة محافظة على ذات المستوى الدراسي والتعليمي عندما تركت المدرسة، فقد كانت شهادات التقدير والتفوق حليفاتها في مختلف المراحل الدراسية السابقة، ولكن لظروف عائلية وزواجها اضطرت لترك مقاعد الدراسة خوفًا من عدم حصولها على معدل الامتياز كالمراحل الدراسية الماضية.

اضطر ذلك رانيا المقيد (29 عاما)، إلى الانقطاع وترك مقاعد الدراسة والحسرة تملأ قلبها على أمل أن تعود إليها يومًا ما، وهذا العام اتخذت قرارها بالحصول على شهادة الثانوية العامة لتحصل على معدل 96% في الفرع الشرعي.

تسرد المقيد، حكايتها مع مرحلة التوجيهي في 2006-2007، موضحة أنها تزوجت مع بداية العام، ورزقها الله سبحانه وتعالى جنيناً، فبدأت الهواجس تراودها مع زيادة المسئوليات الملقاة على عاتقها، بيت وزوج وإرهاق وتعب بسبب الحمل، فاتخذت قرارًا والحسرة تملأ قلبها بترك الدراسة، وكلها أمل بالعودة إليها.

تقول: "لم يكن يمر عام إلا وأدعو ربي أن يرزقني العلم وشهادة التوجيهي، وفي ذات الوقت لم أكن أقوى على اتخاذ قرار بالعودة للدراسة خوفًا من عدم حصولي على معدل عالٍ، إلى جانب أنه أصبح لدي ثلاث بنات وطلباتهن وأوامرهن لا تنتهي".

ودائمًا كانت تقابل زميلاتها في المدرسة ويسألنها "هل أصبحتِ مدرسة عربي كما كنت تحلمين؟" وذلك لطلاقتها في اللغة العربية، كان هذا السؤال يطعن قلبها بسكين حاد، وتحدث نفسها "لم أحصل بعد على شهادة الثانوية العامة لأصبح معلمة عربي".

دعاء دائم

رغم المسئوليات والأعباء التي تقع عليها كزوجة وأم وربة بيت إلا أن فكرة الدراسة لم تغب عن بالها يومًا، وكان الدعاء الملازم لصلاتها بأن تحصل على شهادة الثانوية العامة، ففي 2007 سجلت وبدأت الدراسة لمدة خمسة شهور واضطرها الخوف للانسحاب قبل أن تنس انطباع تفوقها في الأعوام الماضية، وفي العام الذي يليه سجلت دراسة منازل، وجهزت الكتب الدراسية ودفعت الرسوم المدرسية وبعد ستة شهور من الالتزام غادرت مقاعد الدراسة.

تتابع المقيد: "لم أكِل ولم أمل خاصة أن الفكرة لم تخرج من حيز تفكيري، فسجلتُ للمرة الثالثة عام 2010م ولم أكمل شهرًا واحدًا حتى تركت الدراسة، وكل ذلك بسبب المخاوف والهواجس التي زعزعت الثقة بنفسي بألا أتمكن من النجاح بتفوق وأحصل على معدل 90% فما فوق".

ابتعدت عن الفكرة قليلًا وتقربت من الله، وبدأت تسأله أن يرزقها العلم الشرعي، وفي بداية العام الدراسي أرغمت على الالتحاق بالمدرسة، فطلبت منها زوجة عمها التي تعمل معلمة أن تأتي لها إلى المدرسة، وترافق طالبات الفرع الشرعي لمدة أسبوع، علها تتأقلم وتقدم امتحانات الثانوية العامة، وتقول: "وتحت ضغط اتخذت قرار الالتحاق بالعام الدراسي، رغم أني لم أكن أعرف نهاية الطريق، وشعرت وكأني واقعة في بئر".

وتبين المقيد أنه لم يمر يوم في الفصل الأول الدراسي إلا وتبكي لعدم قدرتها على الدراسة، خاصة وأنها التحقت بفرع جديد مختلف عن فرع العلوم الإنسانية الذي كانت تلتحق فيه في الأعوام الماضية.

لم يكن حينها أمامها سوى الدعاء، والجلوس مع المرشدة النفسية في المدرسة بشكل دائم، ولم تتوانَ مدرساتها عن تشجيعها وتكريمها أمام زميلاتها عندما كانت تحصل على علامات كاملة في الامتحانات الشهرية والنصفية.

وتشير المقيد إلى أنه في الفصل الثاني الدراسي بدأت تستوعب الصدمة، وأنه يجب عليها تنظيم وقتها والاجتهاد من أجل ختم المنهج خاصة في آخر شهرين، فأصبحت تدرس طيلة ساعات الليل حتى السابعة صباحًا، ومن ثم تنام حتى الساعة الثانية ظهرًا، ثم تستيقظ لتلبي طلبات بيتها وتتفقد صغيراتها.

قدمت امتحاناتها والخوف لم يتبدد، ويدها على قلبها بألا تحصل على المعدل الذي تطمح له، إلى أن جاء يوم إعلان النتائج ولم تصدق نفسها حين أخبروها بأنها حصلت على معدل 96%، فكان البكاء هو ترجمة فرحتها وسعادتها.