فلسطين أون لاين

ريم صالحة: تفوّقي ردٌ لجميل والدَيَّ

...
كتبت - حنان مطير

شتّان بين التفوّق الممزوج بحبّ الدّراسة، والتفوّق بدون حُبّ، فالأوّل يبقى صاحبُه يحمل أجمل الذكريات وأحلى الأوقات، أما الثاني فلا يشعر بحلاوة هذا التفوّق ونكهته.

الطالبة ريم صالحة، صاحبة الكلمة اللطيفة والابتسامة الهادئة أحبّت الدّراسة، فبات الرابط بينهما قويًّا، صديقُها الكتاب وعشقها الكلماتُ.

لم تتوقّع معدلًا أقلّ من 98% في الفرع الأدبي من حياة الثانوية العامة، بل كانت على يقين أنها متميّزة كإخوتها وأخواتِها من قبلِها الذين لم يقبلوا بالحصول على غير الامتياز.

تقول ريم لصحيفة "فلسطين": "تفوّقي هو أقل ردٍّ للجميل الذي يقدّمه والدايّ لي، فقد كانا وما زالا خير عونٍ وسندٍ وداعمٍ نفسيٍ كي أصل لهذا المستوى، وأظنّ أن التفوّق هو أكبر هديةٍ يمكن أن تُقدّم للوالدين".

وتضيف: "والدتي لم تنفكّ تدعو الله لي بأن لا يقل معدّلي عن 98% وكأن دعواتها مستجابة، كنت أشعر بها كالغيث يبللني في أشدّ أوقات الجفاف، أما والدي مدرس العلوم للمرحلة الإعدادية فكان يُساعدني في التخطيط لدراستي كي أضمن التفوّق".

وتتابع: "نصحني أن أقدّم الاختبارات التجريبية، فنفّذت نصيحتَه التي نصحتني صديقاتي عكسَها، فكان تقديمي لتلك الاختبارات خطوةً مهمةً في حصولي على هذا المستوى بفضل الله، ناهيك عن حرصِه دومًا على تشجيعي على الدراسة وقت الفجر، والمداومة على قراءة الأذكار وشيء من القرآن الكريم قبل الانطلاق للدراسة".

فعلى أصوات زقزقة طيور الفجرِ السابحة في ملكوت الله كانت الطالبة ريم تستيقظ مستنشقةً عبير أشجار البرتقال النقيّ من خلف بيتِها، حيث تستمدّ الراحة النفسيّة والاطمئنان الدّاخلي والرّضا من تلك المظاهر الكونية الخلابة والإعجازية، ثم تنطلق في أداء واجباتِها بمتعةٍ والتعمّق في دراستِها.

توضح "ساعات الفجرِ ذات قيمةٍ عظيمةٍ للإنسان الذي يستثمرها ولا يضيّعها، إنها أروع ساعات للدراسة، فالعقل يستقبل المعلومة ببساطة ويُسرٍ فتثبت داخله إلى ما لا نهاية، فكنت أحرص عليها، وأكثر ما أخصصها لمادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية، فلا أتململ حين توقظني والدتي إلا نادرًا".

أما صوت ذلك البوم المزعج، فرغم استقراره على إحدى الأشجار قرب غرفة دراستِها ومواصلته النعيق إلا أنها لم تعد تُبالي به كثيرًا بعد أن كان بالنسبة لها "أزمة" يجب التخلص منها، إذ كانت نصيحة والدِها: "أشغلي فِكرك عنه ولا تركزي في صوتِه ولن تشعري به حينها.."، فكان ذلك ما فعلته".

تُعلّق: "من أراد أن يدرس ويحقق النجاح والهدف الذي أمامه فإنه لن يترك عائقًا يمنعه من مواصلة ذلك مهما كان صعبًا، ومن لم يهمّه أمر النجاح والتفوّق وتحقيق الهدف المنشود، فليس هناك أسهل من أن يضع أمامه العوائق والحجج ويلوم فيما بعد الظروف".

ريم كالكثير من المتميّزات لم تترك العام للدراسة فقط، بل كانت تشارك في الحياة الاجتماعية بشكل طبيعي، حول هذا أوضحت: "مجنون من يقرّر أن تكون مرحلة التوجيهي دراسة فقط واحتجاز في البيت ومداومة 24 ساعة على الدراسة".

وتؤكّد أن التوكّل على الله ثم التخطيط من خلال وضع جدولٍ يوميّ دقيقٍ، ثم تقييم ما تم إنجازه، واستدراك ما لم يتم إنجازه قبل أن يتراكم، سبب رئيسي في تنظيم عامِها وترتيب أوراقها ومن ثم شعورها بالراحة النفسية وعدم التوتّر والحصول على التميّز أخيرًا.

ريم العاشقة للغة القرآن الكريم والتي قرّرت دراستها في الجامعة مع أخواتِها اللواتي سبقنها إلى الجامعة، انتظرت صدور نتيجتها بدموع القلق والتوتر، واستقبلتها بدموع الفرح والأمل.

الكل يُهنئها ويفتخر بها، لقد حصل ما كانت ترجوه، فها هي ترمق نظرة الفخر التي تتوق إليها من عيني والديها، وتسمع منهما بأذنيها "زرعتي وحصدتي يا ريم..".

وفي تلك اللحظات تستحضر ريم مواقفها الجميلة مع مديرة مدرستِها رجاء رضوان والتي تكنّ لها كل احترامٍ وتقدير، فابتسامةٌ منها وسلامٌ باليد عليها كان كفيلًا بأن يزرع بها ثقةً كبيرةً ودافعًا نفسيًا لحب الدراسة أكثر، وبهذا الخصوص تقول: "كنت أذهب لصديقاتي وأخبرهنّ كم أنا متفائلة بتلك الابتسامة والسلام".

وتضيف: "أخبروا أولادكم دومًا أنهم قادرون، ولا تبخلوا عليهم لمجرد أنهم بدوا كبارًا، أعطوهم الثقة، فإنهم حينها سيقدرون حقًا، فأنا لا أنكر أن كلمات التشجيع والتعزيز كانت تؤثر عليّ كما لو أنني طفلة في الابتدائية".

أما مفاجأة عمّتها بعد صدور النتيجة فكانت لها وقع خاص على قلبِها حين جاءت تحمل الطبلة، تدقّ عليها وتغني لها :" جينا نبارك بنجاحك، ونغنيلك بأفراحك.. ونقولك مبروك مبروك.. طير ورفرف بجناحك.."