لا تزال أبواب الحرب على اللاجئين الفلسطينيين مفتوحة على مصراعيها في محاولة من قوى داخلية وخارجية لتضييع هذا الحق وتلويثه بالمؤامرات السياسية وإخضاعه للضغوطات والابتزازات التي وصلت لحد الخطر الذي بات يهدد حياة كل لاجئ فلسطيني على هذه الأرض.
فقد كانت الخطورة التي تهدد اللاجئين مجرد تقليص تدريجي للخدمات التي تقدم لهم من وكالة الغوث "الأونروا"، لكن الأمر الآن تخطى ذلك بكثير حين تم إعلان رسميًا توقف الخدمات كافة التي تقدم للاجئين (التعليمية والصحية والمالية) خلال شهور قليلة، ليبقى اللاجئ الفلسطيني وحيدًا يعاني وسط المؤامرات التي تسعى لنزع هذه الصفة منه بكل الوسائل المتاحة.
وقبل أيام قال المتحدث الرسمي باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" سامي مشعشع: "توقف أو تقليص وكالة "أونروا"، خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم، وربط ذلك بالأزمة المالية التي تعاني منها المنظمة الدولية".
فوجود "أونروا" يؤرق الاحتلال، لأنه يعني ببساطة الإقرار بحق العودة. وقد عملت منذ اتفاقيات أوسلو وإلى اليوم على هز الثقة في نزاهتها واتهامها بالانحياز للرواية الفلسطينية، ومنذ ذلك الوقت أخذت تعمل بجدية مطلقة وبشكل متواز ٍعلى ثلاث جبهات؛ إلغاء حق العودة وإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني وتفكيك الوكالة، وطرح الاحتلال عن طريق الولايات المتحدة فكرة استبدال قرارات الأمم المتحدة السابقة المتعلقة بالتأكيد على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف، التي تشمل حق العودة وحق إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وحق تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، بالتأكيد على العملية السلمية وما جاء في اتفاقيات أوسلو واعتبار مرجعية أوسلو بديلا لما سبق واتخذ من قرارات. وقد باءت هذه المساعي بالفشل، وظل قرار حق تقرير المصير والحقوق الأخرى غير القابلة للتصرف موضع تأييد كبير من المجتمع الدولي ولغاية الآن.
تضاعفت مخاوف "اونروا" مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسفيرته لدى الأمم المتحدة، التي جعلت من الدفاع عن الاحتلال جوهر برنامجها في المنظمة الدولية. واستطاعا إحباط قرارات مجلس الامن الدولي للتصدي لقرارات تصفية الوكالة بفعل الولايات المتحدة. و بلغ الأمر أخيرا أن تشكلت مجموعة ضغط في (إسرائيل) برئاسة عضو "الكنيست" شارين هاسكيل عن حزب الليكود مهمتها مراقبة عمليات وكالة الغوث والضغط على المجتمع الدولي لإجراء تغييرات جوهرية في ولايتها.
منذ نكبتهم بخسارة وطنهم قبل سبعين عاما، لم يعرف الفلسطينيون قلقا بعمق القلق الذي يجتاحهم، منذ شروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالكشف عن حلقات مسلسله لتصفية قضيتهم، الواحدة تلو الأخرى. وجاءت دعوة نتنياهو في 7 يناير/ كانون الثاني لحل وكالة "أونروا" وإلحاقهم بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين. ولم تتأخر وزارة الخارجية الأميركية بدعم الدعوة الإسرائيلية، فأعلنت في 16 يناير عن الاكتفاء بتقديم 65 مليون دولار كتبرع للوكالة بدلا من 125 درجت على تقديمها. وألحقت المتحدثة باسم الوزارة القرار، بالقول إن "هذا لا يهدف إلى معاقبة أحد".
أما التكتيك الجدي الذي طرحه الاحتلال مؤخرا هو إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني لينطبق فقط على من خرجوا من فلسطين عام 1948 ولا ينطبق على أولادهم وذرياتهم من بعد ويبررون ذلك بإلصاق تهم للوكالة ما أنزل الله بها من سلطان.
يدرك الشعب الفلسطيني المهجر عن وطنه أن حق العودة باقٍ وظاهر كالشمس رغم هذه المؤامرة الصهيوأمريكية على وكالة الغوث والالتفاف على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، فمنذ نكبتهم بخسارة وطنهم قبل سبعين عاما، لم يعرف الفلسطينيون قلقا بعمق القلق الذي يجتاحهم، منذ شروع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالكشف عن حلقات مسلسله لتصفية قضيتهم، الواحدة تلو الأخرى. فالوكالة كانت أكثر من مجرد هيئة للخدمات التعليمية والصحية. وحلها على هذا النحو اعتداء ونسف لحقهم في العودة، كما أن مصيرهم يتقرر على يد الخصوم والأعداء، بدون الأخذ برأيهم أو احترام حقوقهم. وعلى الفلسطينيين والعرب وانصارهم من دول عدم الانحياز تشكيل مجموعة اتصال لغاية الوصول لحل عادل لقضية اللاجئين بإقرار حق العودة حسب القرار الأممي رقم 194 وما نصت علية اتفاقية جنيف الرابعة.